يبدأ وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان مهمة صعبة وأخيرة في بيروت لانقاذ المبادرة الفرنسية. الوضع الحكومي جامد والخلافات السياسية بين بعبدا وبيت الوسط على حالها، ويبدو واضحا الغضب الفرنسي من المسؤولين في لبنان، وقد تُرجم بالحديث عن عقوبات بحق 40 شخصية لبنانية سيتم منعها من السفر إلى فرنسا، وبتغريدة ليلية توعّد فيها لودريان السياسيين الذين يعرقلون تشكيل الحكومة، وأعلن فيها أنه سيحمل “رسالة شديدة الحزم” لهم، وأن العقوبات التي فرضتها باريس هي مجرد البداية.
وستكون زيارة لودريان هذه المرّة صارمة، وسيسمي بالاسماء المعرقلين. ووفق المعلومات، سيذكّر الضيف الفرنسي المسؤولين المعنيين بالملف الحكومي بتجديد التزامهم وتعهدهم للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن وفق المبادرة الفرنسية وبإطلاق ورشة الاصلاح.
ولم تستبعد المصادر أن يلوّح لودريان بعقوبات إضافية خلال لقاءاته، كوسيلة ضغط. وحتى الان، عُرف أنه سيجتمع برئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، بالاضافة إلى لقائه شخصيات من المجتمع المدني. ولم يتم التأكد من زيارته الرئيس المكلف سعد الحريري حتى اللحظة. وعن إمكانية جمع الاخير برئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في قصر الصنوبر، تقول مصادر بيت الوسط” إن الحريري يرفض الاجتماع بباسيل بمسعى من لودريان، إلا بعد أن تتشكل الحكومة”..
كذلك، سيؤكد وزير الخارجية الفرنسية اليوم وقوف باريس الدائم إلى جانب الشعب اللبناني وحرصها على مساعدته.
وفيما لا يزال المشهد الحكومي ضبابيا، من المرجح أن يصطدم لودريان مجددا بمواقف الفرقاء المعروفة سلفا. الحريري مع حكومة اختصاصيين مصغرّة، ورئيس الجمهورية وباسيل مع تسمية الوزراء المسيحيين، بالاضافة إلى الثلث المعطل. والجدير بالذكر أن فرنسا سعت عدّة مرات لحلحة العقد السياسية. وكان آخرها استقبال ماكرون الحريري في الاليزيه، والتنسيق مع موسكو، من خلال الجولة الباريسية التي قام بها نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف منذ قرابة أسبوع، وتناول فيها مع المسؤولين الفرنسيين الوضع السياسي في لبنان.
وأمام هذه المحاولات العديدة، وعدم إكتراث السياسيين بالوضع الاقتصادي والمعيشي المتردي حتى بعد رزمة العقوبات الفرنسية، أفادت مصادر فرنسية، أن لودريان قد يعمد على سحب المبادرة الفرنسية، ويفصح عن لائحة الاشخاص الذين طالتهم العقوبات.
ورغم التقارب السعودي- الايراني في الايام الماضية، وانشغال الولايات المتحدة الاميركية بمفاوضات فيينا حول الاتفاق النووي الايراني وابتعادها عن المشهد اللبناني، عُلم أن واشنطن داعمة للموقف الفرنسي في لبنان، وقد أوكلت لباريس الملف اللبناني.
وبانتظار ما سينتج عن زيارة لودريان الحازمة اليوم، شغل خبر إعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري الاعلام. وقد جاء الحديث عن الاعتذار بعد ما نُقل عن أن لودريان سيستثني رئيس تيار “المستقبل” من لقاءاته كونه من معرقلي تشكيل الحكومة. ووفق مصادر، هدف الحريري من خلال طرح فكرة الاعتذار الضغط على معطلي التشكيل قبل مجيء الوزير الفرنسي لبيروت. ولكن إذا وصل لودريان إلى طريق مسدود بعد جولته اللبنانية اليوم، وسحبت فرنسا مبادرتها، فإن اعتذار الحريري سيكون ، في رأي اوساط مطلعة، احد الخيارات الحتمية.
المصدر: لبنان 24