كتب داني حداد في موقع mtv:
انتشرت، قبل زيارة جبران باسيل الأخيرة الى موسكو، تسريبات تتحدّث عن أنّ رئيس تكتل “لبنان القوي” سيسمع من المسؤولين الروس كلاماً قاسياً سيدفع به الى التنازل في الملف الحكومي. في المقابل، انطلقت تسريبات من محيط باسيل في الأيّام الأخيرة تتحدّث عن قرب اعتذار رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، بفعل ضغطٍ خارجيّ و، خصوصاً، رفض سعودي، والذهاب نحو استشارات لتكليف رئيس حكومة آخر.
تشير المعطيات المتوفّرة الى أنّ التسريبات المتعلّقة بباسيل والحريري غير دقيقة. ما من مؤشراتٍ الى اعتذار ولا الى قرب تشكيل، والملف الحكومي ما يزال في دائرة المراوحة بانتظار تطوّرات خارجيّة تلوح ملامحها من فيينا، التي ستشهد الجمعة جولة جديدة من المفاوضات الأميركيّة الإيرانيّة، كما من الاتصالات التي تجري على أكثر من خطّ إقليمي ودولي.
وتتحدّث مصادر دبلوماسيّة عن أنّ لبنان ليس أولويّةً في المباحثات الخارجيّة، وهو ليس على أيّ طاولة في الوقت الحالي، ولن يحين أوان البحث في ملفّه قبل أشهر عدّة، في حال سلكت الملفات الأخرى طريقها نحو الحلّ، وتحديداً العلاقات السوريّة – العربيّة، في ظلّ التطوّر المهمّ الذي برز أمس على الخطّ السوري – السعودي.
وإذا كان البعض في لبنان استعجل البناء على هذه الاتصالات وترجمتها سريعاً داخليّاً، فإنّ المصادر الدبلوماسيّة ترسم ثلاث مراحل لمسار العلاقات السوريّة – العربيّة:
الأولى، عودة سوريا الى الجامعة العربيّة، وهي متوقّعة هذا العام.
الثانية، إعادة إعمار سوريا والمساهمة الخليجيّة في ذلك.
الثالثة والأخيرة، مشاركة سوريا في مباحثات سلام مع إسرائيل، بوساطة عربيّة، وخصوصاً إماراتيّة، ودوليّة.
وتذكر المصادر أنّ لبنان سيتأثّر بشكلٍ غير مباشر بهذا المسار، ولكنّه ليس أولويّةً أبداً، ولو أنّ مصير ولادة الحكومة وبدء الخطوات الإصلاحيّة سيكون مرتبطاً بالتطورات في المنطقة.
وتشير الى أنّ المستقبل القريب سيشهد وساطة روسيّة لترتيب العلاقات السوريّة – التركيّة، في وقتٍ بدأت تشهد علاقة تركيا مع بعض الدول العربيّة، ومنها مصر، تحسّناً ملموساً. علماً أنّ القيادة السوريّة غير متحمّسة أبداً لهذا الخيار.
وتتوقّف المصادر عند الدور الإماراتي في تحديد مصير ولادة حكومة برئاسة الحريري أو اعتذار الأخير، حيث سيتوقف الأمر على نجاح الإمارات في إقناع السعوديّة بالعدول عن موقفها في هذا الصدد، كما في احتمال استفادة الحريري من الانفراج الإقليمي، وتحديداً العربي – الإيراني. علماً أنّ قوّة الحريري تكمن، حتى الآن، في عدم توفّر بديلٍ عنه، إلا إذا اختارت السعوديّة غير ذلك. علماً أنّ المملكة تقول لا الحريري من دون أن تقول نعم لأيّ إسمٍ آخر.
يبدو ما سبق كلّه رهن الوقت. يبدأ الأمر بالانفراج الأميركي – الإيراني ثمّ ينسحب على الملفات كلّها. المنطقة مقبلة على تغييراتٍ كبيرة من الآن وحتى نهاية العام. إذا انفرجت في سوريا سيرتاح لبنان. ولكن، تقول المصادر الدبلوماسيّة نفسها إنّ “لبنان آخر الملفات”.