في انتظار اي جديد يمكن ان تحمله الساعات القليلة المقبلة على خط تأليف الحكومة بعد ان حُكي عن مسعى يضطلع به البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لعقد لقاء بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، انطلاقا من تأكيدات سمعها سيد بكركي في بعبدا، بأن الاخيرة لا تسعى الى ثلث معطّل… لا يبدو، بحسب المواقف التي سُجّلت في الايام الماضية، أن ثمة خرقا يمكن توقّعه، أقلّه على المدى القريب. فمن موسكو أمس، أعاد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، رمي الطابة الحكومية في ملعب الحريري، معلنا ان التأليف ينتظر مبادرة من بيت الوسط. وفي ما بدا وكأنّه ردّ من ميرنا الشالوحي على تصويب الرئيس المكلف عليها وعلى بعبدا، من الكرسي الرسولي، الاسبوع الماضي، قرر باسيل، من روسيا هذه المرة، انتقاد الحريري وإن “على الناعم”، مشككا بنيته وقدرته ليس فقط، على التشكيل، بل على الاصلاح ايضا، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”.
فقد قال رئيس “لبنان القوي”: اذا كان لبنان متوجهاً الى اعتماد خيار صندوق النقد الدولي فهذه الإصلاحات معروفة وعلى رأسها التدقيق الجنائي إضافة الى ضبط التحويلات الى الخارج وإعادة الأموال المحوّلة من لبنان الى الخارج وغيرها. لا يمكن إجراء الإصلاح وإعادة بعض الحقوق للبنانيين دون ذلك، حتى ولو توجّه لبنان الى الشرق بدل الغرب، او اذا بقي متوسطاً بين الشرق والغرب. غرباً او شرقاً او ما بين الاثنين، لا يمكن إنهاض لبنان من دون إصلاحه. الحكومة لازمة ولكنّها غير كافية، اذا لم تتمتّع بالقرار والإرادة والقدرة على الإصلاح. هذا شأن لبناني، روسيا لا تتدخل بالشؤون الداخلية، ولكنّها تدفع باتجاه الإصلاح وهذا ما نشكرها عليه، ونحن كلّنا بانتظار ان يأخذ رئيس الحكومة المكلّف قراره بالسير بتشكيل الحكومة والأهم قراره بالإصلاح”. واشار الى ان “لبنان اليوم، نتيجة الضغوطات عليه ونتيجة الفساد في داخله انهار، وتلزمه إصلاحات جذرية وبنيويّة لإنهاضه. وهذا يتطلّب قراراً سياسياً لبنانياً غير مكتملة عناصره، وتلزمه حكومة من الإختصاصيين تكون مدعومة من القوى السياسية والبرلمانية الأساسية لكي تتمكّن من تحقيق هذه الإصلاحات، دون ان تكون فيها القدرة لأحد على السيطرة عليها وعلى منع هذه الإصلاحات من التحقّق”.
هذا الكلام يأتي بعد ان كان باسيل اتهم الحريري السبت الماضي، بأنه يسعى الى انتزاع النصف +1 في الحكومة ليمنع الاصلاحات وفتح ملفات الفساد وليعرقل عملية التدقيق الجنائي المالي، لانه في نظر التيار، سيكون متضررا من كشف هذه الحقائق.
في المقابل، يؤكد مسؤولو “المستقبل” ان هذا التصعيد البرتقالي هدفه واحد: التخلّص من الحريري كرئيس مكلّف والا فانتزاع ثلث في الحكومة.
لكن بحسب المصادر، هذه المرة، الخلاف بين الفريق الرئاسي وبيت الوسط، من المستبعد ان يتم حلّه بحصص او حقائب. فالقرار يبدو مبرما لدى الاول، بأن الحريري ليس اهلا لقيادة البلاد في المرحلة المقبلة، ولا يمكن ان يكون هو رئيسا للحكومة. وقد بدأ باسيل بالفعل، يسوّق وجهة النظر هذه في الخارج، بدليل ما قاله في موسكو، مع علمه ان الاخيرة تدعم الحريري دعما مطلقا، حتى انها تعتبره رئيس حكومة لبنان وتتعاطى معه على هذا الاساس… امام هذه المعطيات، ما الذي يمكن توقّعه من لقاء يجمع عون والحريري؟ على الارجح، لا شيء، الا اذ أُعطي رئيس الجمهورية ما يريد من حيث دوره في التشكيل وحجمه في الحكومة، أو فعل التلويح الخارجي عموما والفرنسي خصوصا بعقوبات على المعطّلين، فعلَه، تختم المصادر.