يقترب لبنان من نسبة فقر بنسبة 50% بحسب ما أكّده نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فريد بلحاج. كلام المسؤول الدولي الكبير جاء مطلع الشهر الجاري، أي بعد مرور 18 شهراً على اندلاع الأزمة. خلال تلك المدة، انقلبت حياة اللبنانيين رأساً على عقب من دون أفق حل حتى اللحظة، فبعدما كانت الـ100 دولار تساوي 150 ألف ليرة، باتت تساوي اليوم مليون و200 ألف في بلد يعتمد على الاستيراد. التحوّل الجارف أثّر بشكل خاص على المؤسسات الصغيرة والمصالح العائلية التي تكافح يومياً من أجل الاستمرار.
في تقرير لها، سلّطت قناة “الجزيرة” الضوء على مجال “فنادق البوتيك” (الفنادق الصغيرة ذات الطابع الكلاسيكي الشبيه بالمنازل)، متحدثةً عن تكيّف رواد الأعمال مع الواقع الاقتصادي اللبناني الجديد “حتى الوقت الحاضر على الأقل”.
كوليت خليل التي تدير “بيت البترون”، وهو “فندق بوتيك” يبعد نحو ساعة ونصف عن بيروت، واحدة من هؤلاء. وفي حديث مع “الجزيرة”، تقول خليل: “قبل اندلاع الثورة في تشرين الأول 2019، قمنا بعمل مذهل”، مضيفةً: “أتت نسبة 80% من زبائننا من فرنسا وسويسرا ونيوزلندا وغيرها من البلدان”. أمّا اليوم، فتغير الواقع، إذ توضح خليل: “لم يستطع اللبنانيون هنا السفر، فقرروا استكشاف لبنان وأخذوا إجازات داخل البلاد”.
وتلفت خليل إلى أنّ أغلبية روّاد الفندق الحاليين ينتمون إلى الطبقة المتوسطة الميسورة، مضيفةً: “حتى هؤلاء، لم يستطيعوا دفع التكاليف وفقاً للأسعار السابقة، لذلك اضطررنا إلى خفض التعرفة إلى النصف تقريباً”؛ تم خفض كلفة الليلة في غرفة مطلة على البحر من 190 دولاراً إلى 110 دولارات، ويستطيع الرواد دفع المبلغ بالدولار أو وفقاً لسعر الصرف في السوق الموازية.
المسألة نفسها تنطبق على فيليب جرمانوس الذي يدير دار الضيافة Guita Bed & Bloom في العاقورة، حيث اضطر هو أيضاً إلى خفض الأسعار من 110 دولارات إلى 50 دولاراً في الليلة. ويقول جرمانوس إنّ الرواد يأتون إليه نظراً إلى أنّ أموالهم محتجزة في المصارف، معلقاً: “من الأفضل أن تأخذ إجازة ليوم واحد بدلاً من ترك (مالك) يتعفن في المصارف”.
ما الحل؟
يؤكد المحلل سامي نادر أنّ لبنان بحاجة الى حكومة يستطيع المجتمع الدولي الوثوق بها لإنقاذ البلاد من الأزمة المالية المنهكة، وليس عودة الطبقة السياسية القديمة. وفي حديثه مع “الجزيرة”، يوضح نادر: “الطريقة الوحيدة لإنقاذ البلاد تتمثل بالحصول على قرض من “صندوق النقد الدولي”، ولن يقدّم صندوق النقد الدولي قروضاً ما لم تبادر الحكومة المقبلة بإجراء إصلاحات هادفة”.