“بينما تمضي أوروبا في بعثَرَة خيارات العقوبات، وبعد أيام من زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب قطر، والإتّفاق السعودي – الصيني على تعميق العلاقات بين الطرفَيْن، بما يجعل الرياض تسبق طهران الى بكين. وبموازاة التوسّع في العلاقات الروسية – السعودية لتطويق طهران في موسكو أيضاً، حسمت الرياض الموقف، ووفّرت الكثير من المعارك التي يرسمها “المُمَانعون” لطبيعة العلاقات اللبنانية – السورية، في مرحلة ما بعد الإنتخابات الرئاسية السورية، فمنعت (الرياض) دخول الخضار والفواكه اللبنانية الى أراضيها، أو العبور من خلالها، الى أن تتوقّف عمليات تهريب المخدرات الى أراضيها.
لبنان دخل زمن العقوبات العربية، بما يُشبه أسلوب الحَسْم الذي تمتّعت به إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، إذ ظهرت قدرة عربية على المبادرة، ما كانت موجودة سابقاً، وذلك رغم المحادثات النووية في فيينا، والتحاوُر السعودي – الإيراني في العراق. وهذا أكثر من طبيعي، طالما أن إيران تفاوض، وتحارب عسكرياً في اليمن، في وقت واحد. ويبدو أن الرياض قرّرت “قصف” طهران في لبنان، بالإقتصاد، وبالزراعة التي هي إحدى أهمّ الأذرع المهمّة للإقتصاد المُقاوِم، الذي يُعمَل على اقتياد لبنان إليه، والى جبهات الصّمود والتصدّي، مغلولاً، أكثر فأكثر.
هي لعبة أوراق، من أوروبا الى إيران والسعودية، مروراً بلبنان الذي يتذوّق فصولاً جديدة من العقوبات والحصار، عربيّة هذه المرّة، والتي قد لا تتوقّف مستقبلاً عند حدود المنتجات الزراعية. فماذا لو وصلت الأمور الى أنواع جديدة من العقوبات العربية، إذا تمّ تشكيل حكومة لبنانية “غير صديقة” إلا للتوجُّهات “المُمانِعَة”؟
شدّد مصدر مُطَّلِع على أن “تهريب المخدرات عبر الأراضي اللبنانية يحصل بالفعل، وهو أجّج الرغبة السعودية في إيجاد أسباب إضافية لزيادة الضّغط على الفريق “المُمانِع”. وتهريب المخدرات لا ينحصر بوجهة واحدة، فيما الإعلان عن تفاصيل منه تتعلّق بدول أوروبية مؤخّراً، يضع فرنسا والإتحاد الأوروبي أمام وقائع، لا يُمكنهما التغاضي عنها، في إطار البحث عن فرض عقوبات على مُعرقِلي مستقبل المبادرة الفرنسية في لبنان”.
وأكد في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” أن “الفريق الذي يهرّب المخدّرات، يجعل من لبنان دولة مخدّرات، الى جانب تصنيفه جزيرة أمنيّة غير شرعيّة. فهذه الوقائع تنعكس على التصنيفات الدوليّة لأي دولة في العالم”.
وشرح المصدر: “باتت المخدّرات، والسلاح غير الشرعي، وتبييض الأموال، وتهريب السّلع عبر الحدود، منظومة واحدة متكاملة، تخدم مشروع “المُمَانَعَة” الإقليمي، الذي يقوم ببعض أنشطته غير القانونية في لبنان”.
وأضاف: “يُظهر ما فعلته السعودية أنه مهما كانت عليه نتائج التفاوُض الأميركي – الإيراني في فيينا، فإن للسعودية خياراتها الخاصّة، وهي ستفعل ما يُناسبها، ولن تُلزِم نفسها بالالتزام بأي مسار أميركي – إيراني جديد في المنطقة، إذا لم يَكُن متوافقاً مع المصلحة السعودية، على صعيد الصّراع الإقليمي الكبير مع إيران”.
وأوضح المصدر: “إيران تجاهر بوجوب استهداف الأمن القومي والسياسي والإقتصادي السعودي، لوقف حرب اليمن. وهي من هذا المُنطَلَق، تضع نفسها في معادلة العدوّ رقم واحد للسعودية. وبالتالي، من الطبيعي أن تدافع الرياض عن نفسها في كل الساحات والملفات”.
وختم: “توسّعت وتشعّبت ميادين الصّراع الإيراني – السعودي كثيراً، خلال السنوات القليلة الماضية، وهو ما يستوجب أن يكون أي قرار سعودي بالدّفاع عن النّفس متمايزاً عن الخيار الأميركي في الانفتاح على إيران، خصوصاً إذا اتّفقت واشنطن مع طهران بالشّكل الذي حصل فيه ذلك عام 2015″.”