يؤكد مسؤول مصرفي مشارك في ترتيبات منصة مصرف لبنان صعوبة تحقيق تحولات جدية في مسار الأسواق النقدية سواء عبر المنصة الجديدة أو من خلال أي تدابير ذات طابع تقني بحت. فالنواة المركزية للفوضى السائدة تستمد صلابتها من تداعيات انسداد آفاق الحلول الداخلية، لا سيما ما يتصل بوضعية السلطة التنفيذية العالقة بين حكومة تصريف أعمال يتعذر انعقادها وبين حكومة جديدة تصطدم ولادتها بجدار حصص التأليف الصعب. وتتمدد هذه الوضعية المربكة إلى مجمل الأولويات الحيوية التي يواجهها البلد، بما يشمل الضياع في تحديد «المرجع الصالح» للبت بموضوع الدعم الداهم بسبب قرب نفاد الاحتياط الحر من العملات الصعبة، وأيضاً إعادة صوغ خطة التعافي واستئناف المفاوضات المعلقة مع صندوق النقد الدولي منذ استقالة الحكومة منذ نحو 9 أشهر.
ولن يكون مستغرباً ضمن هذه المقاربة، استنكاف بعض المصارف عن المشاركة في المنصة الثلاثية بذريعة أنها لا تحوز إمكانات يمكن أن تطلب منها لتلبية عملائها. كما يتوجس مصرفيون تواصلت معهم «الشرق الأوسط»، من «كبوة» مستجدة تنتج عن ضآلة الإمكانات المالية المتاحة، التي يمكن الاستناد إليها لتنفيذ المبادلات الموعودة. وهو ما ينذر بتوليد عوامل إرباك إضافية تسهم بتأجيج المضاربات على النقد الوطني، خصوصاً وسط التحفز التلقائي لتجار العملة وصرافي السوق الموازية، ترقباً للاستحقاق الداهم المتصل بتعذر تغطية الدعم أو تقليصه بنسب كبيرة لمعظم المواد الاستراتيجية والأساسية المستفيدة من السعر الرسمي البالغ 1515 ليرة للدولار وسعر منصة «صيرفة» الأولى البالغ 3900 ليرة لكل دولار.
ومع تقديرات مسبقة بأن الاحتياط الحر من العملات الصعبة القابل للاستخدام حالياً قد لا يتعدى 500 مليون دولار في حال عدم المس باحتياطيات الودائع لديه والبالغة نحو 16.5 مليار دولار، يرى المسؤول المصرفي أن حجم المبالغ يكون مؤثراً بذاته في استيعاب اختلالات ذات طابع ظرفي أو حدث عابر. إنما الأمور معاكسة تماماً في الظروف الحاضرة، حيث يقتضي الإقرار بأن أي تقدم نوعي على المسار السياسي يحوز الأولوية، وهو سيفضي تلقائياً إلى مضاعفة تأثير المبلغ المستخدم وتسريع التوازن وتمكين مصرف لبنان من استعادة حضوره كصانع للسوق وإدارة التدفقات والسيولة.
ولفت المسؤول المصرفي إلى صعوبات عملانية تمت إثارتها مع إدارة المنصة، وبعضها لم تتوفر أجوبتها الحاسمة ريثما تنطلق العمليات فعلياً. فحتى الساعة لم يتم تحديد السعر المرجعي الذي يتوقع أن يكون بحدود 10 آلاف ليرة لكل دولار، طبقاً لتصريح سابق لوزير المال غازي وزني، كما تسود ضبابية كثيفة بشأن مصدر التدفقات النقدية المطلوبة، مع ترجيح الدور المحوري لمصرف لبنان. كذلك فإن صعوبات لوجيستية يمكن أن تواجه إدارات المصارف في تأمين استجابة شبكتها التابعة وانخراطها أيضاً في عمليات المنصة، وفق المدرجات التي حددها البنك المركزي، بحيث يتوجب على كل مصرف إصدار التعليمات إلى مديري فروعه المنتشرة في بيروت وخارجها، وتأمين ربط إلكتروني مستقل بالوحدة المركزية في المركز الرئيسي.
ألمصدر : الشرق الأوسط