السياسات النقدية والمالية التي ترميها السلطة السياسية في ملعب رياض سلامة للتبرؤ من مفاعيلها ونتائجها، سيكون رده عليها واضحاً. فهو لديه أيضاً مستمسكات على كل القوى السياسية، وبعض من هاجموه وصعّدوا الحملة بوجهه ودفعوا رئيس الحكومة إلى تهديده، وليس من مصلحتهم أن يفرج سلامة عن ما في جعبته، فيما تعجز الحكومة عن تعيين نواب لحاكم المصرف ورئيس لهيئة الرقابة على المصارف ومفوض الحكومة لدى مصرف لبنان.
حاكم مصرف لبنان كان الضمانة في عهود الأزمات الحقيقية (systemic shocks)، وهي كثيرة: أزمة التمديد للرئيس إميل لحود عام 2004 والقرار 1559- أزمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005- حرب تموز وتداعياتها عام 2006- أزمة الفراغ الرئاسي – أزمة 7 أيار 2008 وتداعياتها – أزمة تشكيل الحكومة عام 2009 – أزمة إسقاط حكومة الرئيس الحريري عام 2010- أزمة الحرب السورية عام 2011 – أزمة الفراغ الرئاسي عام 2014 – أزمة البنك اللبناني الكندي عام 2013- أزمة الرئيس سعد الحريري في السعودية عام 2017- أزمة جمال تراست بنك عام 2019..
ويبدو خطأ رياض سلامة الأساسي هو أنه الصامت الأكبر. وهل ذلك لعدم اقحام القطاع في السجالات السياسية، وعدم الرد على ما يتهم به، من خلال وضع النقاط على الحروف، وتحميل المسؤوليات كما هي إلى من يجب أن يتحملها، أم للتلويح بأنه “يعرف الكثير”؟
أدوار الحاكم ومسؤولياته
نصت “المادة 33-معدلة وفقا للقانون 8/75 تاريخ 5/3/1975 على أن نطاق الصلاحيات المُعطاة للمصرف قد تمت ضمانته بموجب هذا القانون وخاصة لناحية تحديد -على ضوء الأوضاع الاقتصادية- معدل الحسم ومعدل فوائد تسليفات المصرف، ويتذاكر في جميع التدابير المتعلقة بالمصارف. بالإضافة إلى المادة 70-معدلة وفقا للمرسوم 6102 تاريخ 5/10/1973، والتي نصت على أن مهمة المصرف العامة هي المحافظة على النقد لتأمين أساس نمو اقتصادي واجتماعي دائم. وتتضمن مهمته بشكل خاص “المحافظة على سلامة النقد اللبناني” و”المحافظة على الاستقرار الاقتصادي”، و”المحافظة على سلامة أوضاع النظام المصرفي”، و”تطوير السوق النقدية والمالية”. كما نصَت المادة 75-معدلة وفقا للمرسوم 6102 تاريخ 5/10/1973- على حق مصرف لبنان باللجوء إلى الوسائل التي يرى أن من شأنها تأمين ثبات القطع. ومن أجل ذلك يمكنه أن يعمل في السوق بالاتفاق مع وزير المالية مشترياً أو بائعاً ذهباً أو عملات أجنبية مع مراعاة أحكام المادة 69.
لماذا هذا الكلام؟ تقول المصادر أن الخطوط الحمر التي رسمها سلامة أضحت تقلق البعض وأهمها:
– موقفه الدائم لاعتماد المعايير الدولية للتدقيق.
– موقفه الدائم المحذر للحكومة من مخاطر العجز المتمادي وعدم ضبط الإنفاق في الموازنات السنوية التي كانت تعتمدها بعد موافقة مجلس النواب.
– موقفه المعروف والصريح والقديم من ضرورة وضع حد لعجز الكهرباء.
– موقفه من المخاطر المالية لإقرار سلسلة الرتب والرواتب.
– موقفه العلني المتكرر من القضايا الإصلاحية ومعالجة الهدر والفساد والشفافية. وهو ما كرره على مسامع المسؤولين مئات المرات وفي كل مؤتمرات دعم لبنان في الخارج.
– موقفه المعروف من الآثار والنتائج السلبية للتوترات الأمنية الداخلية والأثمان الاقتصادية للحروب.