كتب عوني الكعكي في “الشرق “:
هذا سؤال صريح وشرعي، إذ أنّ تاريخ الرئيس عون عندما يتسلم سلطة لا يتخلى عنها مهما كانت الظروف. والجميع يتذكّر عندما عيّنه الرئيس أمين الجميّل عند انتهاء ولايته رئيس حكومة عسكرية، مهمتها الوحيدة إجراء إنتخابات رئاسية. لكن وللأسف فعل الجنرال كل شيء إلاّ إجراء الانتخابات. وفي ذلك الوقت ترشح الرئيس الراحل سليمان بك فرنجية للرئاسة وكان عمره 80 عاماً، فاعترض الجنرال قائلاً: إنّ الرئيس فرنجية عمره 80 سنة، سبحان الله الرئيس عون اليوم عمره 85 سنة، فماذا تراه يقول؟؟؟
بالعودة الى السؤال الصريح: تبقى سنة ونصف السنة لانتهاء العهد، والمصيبة أنّ الرئيس صرّح في إحدى المرّات، أمام شاشات التلفزة أنه سيسلّم البلد أفضل بمليون مرة مما كان عليه حين تسلمه، ولكن للأسف حساب الحقل لم ينطبق على حساب البيدر، إذ لم يفشل أي عهد من العهود في تاريخ لبنان، كما فشل عهد الجنرال عون. ولنعدّد عناصر الفشل:
أولاً: لأوّل مرة في تاريخ لبنان نمر بأزمة مالية جماعية كما حصل منذ اندلاع الثورة في 17 ت1 2019 واستقالة الحكومة، أي حكومة الرئيس سعد الحريري، وتشكيل حكومة برئاسة حسان دياب الاستاذ في الجامعة الاميركية، لكنه يحتاج الى كثير من الوقت كي يصبح مؤهّلاً لتسلم منصب رئاسة الحكومة. فكان أوّل قرار اتخذته حكومة دياب لمعالجة أوضاع انهيار «البنوك» الامتناع عن دفع اليورو بوند بالرغم من النصائح التي أُعطيت للحكومة، عن انعكاس التمنّع عن الدفع على الخارج ورغم كل المحاولات رفض الرئيس دياب، وهنا بدأت الكارثة إذ بدأنا في تأكيد الانهيار المصرفي والإساءة لسمعة لبنان المالية مع «البنوك» العالمية، وهذا ما ندفع ثمنه اليوم، إذ لم تعد هناك إمكانية لفتح أي اعتماد لأيٍ كان، حتى للتجار الكبار.
ثانياً: بقي «الصهر المدلّل» و»الطفل المعجزة» ممسكاً بوزارة الطاقة 12 سنة، صرفنا خلالها 56 مليار دولار، وبالرغم من كل الوعود والاستعانة بالبواخر فلا تزال الكهرباء غير متوفرة إلاّ لساعات قليلة خلال الـ24 ساعة. المصيبة أنّ في كل بلاد العالم شركات الكهرباء تدر أرباحاً كبيرة، كذلك أصحاب المولدات جنوا ثروات من المولدات ودولتنا الحبيبة بإدارة «الطفل المعجزة» خسّرتنا 56 مليار دولار.
ثالثاً: لبنان اليوم يعاني من عزلة عربية كبيرة ولأوّل مرّة في تاريخ لبنان، بسبب الإنحياز لمحور الممانعة والمقاومة، نصل الى هذا المستوى من التدهور… والغريب العجيب أنّ الجنرال كان يقول احذروا الفرس سيأتون وحكم ولاية الفقيه سيقضي علينا…
لذلك علينا ان نتنبه الى اننا في خطر!!
ماذا فعل الجنرال، صار بلمح البصر جندياً في ولاية الفقيه، وكان يريد أن يكسّر رأس حافظ الأسد، فصار تابعاً للرئيس بشار الأسد أفشل ثاني رئيس جمهورية بعد الجنرال ميشال عون، إذ يوجد سباق بين الرئيسين عمّن سيكون الأفشل؟
رابعاً: هناك تخوّف عند بعض العقلاء من أن يكون تاريخ الجنرال عون بالتمسّك بالكرسي لا يزال راسخاً في أذهان الناس، وصورة ما فعله وما قام به ماثلة أمامهم… فيوم أعلن مجلس الوزراء اللبناني، وبحضور رئيس الجمهورية الأسبق المرحوم الياس الهراوي، قراراً بإنهاء حالة التمرّد إثر تمسّكه بكرسي رئاسة الحكومة في القصر الجمهوري، بالرغم من الدعوات لترك القصر والعروض بإشراكه في السلطة، وبالرغم من كل الإغراءات رفض كل تلك الدعوات، وأعلن الحرب، والأجمل من ذلك قوله سأكون آخر جندي يترك الجبهة، ولتأكيد قوله بالفعل كان أوّل إنسان يهرب بالبيجاما عند إطلاق أوّل رصاصة تاركاً جيشه يحارب ويُقْتَل لأنّ التكافؤ بين الجيش اللبناني الموجود مع ميشال عون والجيش اللبناني وقيادته وبمؤازرة الجيش السوري كان مفقوداً، هناك فرق كبير. على كل حال هرب الجنرال تاركاً بناته الثلاث وزوجته، وقال أحد الظرفاء «يا هيك يكونوا الرجال يا عمرن ما يكونوا».
إنّها لحظات تاريخية، باتت راسخة في عقول اللبنانيين، تذكّرهم بالمواقف التي اتخذها الجنرال، فكانت وبالاً عليه وعلى شعبه «العظيم» وعلى لبنان كلّه.
من هنا كان التساؤل الكبير: «ماذا سيفعل فخامته بعد انتهاء عهده؟ اللبنانيون ينتظرون وسط أزمات خانقة، يترقبون نهاية العهد الذي كان أفشل العهود.