عَزا كبير الاقتصاديين ورئيس قسم الابحاث في بنك عودة مروان بركات التدهور في سعر الصرف في الشهرين الأخیرین لارتباطه بشكل أساسي بالضبابیة السیاسیة المحلیة، خصوصاً في ظلّ التجاذبات الداخلیة المرتبطة بتشكیل الحكومة. عندما یتعثّر التشكیل یرتفع سعر صرف الدولار في السوق السوداء وعندما تتعزّز آمال التشكیل ینخفض سعر صرف الدولار في السوق السوداء.
أمّا بالنسبة للعوامل البنیویة التي أدّت منذ سنة ونصف الى تدهور اللیرة اللبنانیة فهي مرتبطة بشكل خاص بانخفاض العرض وازدیاد الطلب في سیاق شحّ الدولار في السوق بالترافق مع خلق النقد باللیرة اللبنانیة. فقد تراجعت حركة الأموال الوافدة الى لبنان بشكل لافت خلال السنة الفائتة بما أدّى الى عجز في میزان المدفوعات بقیمة 10.5 ملیارات دولار في العام 2020 رغم تحسّن العجز التجاري بنسبة 53% خلال السنة. امّا لناحیة خلق النقد باللیرة، فقد زاد النقد المتداول من 10 آلاف ملیار لیرة في بدایة 2020 الى حدود 30 ألف ملیار لیرة في نهایة 2020 بارتفاع نسبته 194% خلال العام، وذلك في سیاق تنقید العجز في المالیة العامة من قبل مصرف لبنان.
وفي نظرة مستقبلیة، رأى بركات انّ آفاق سعر صرف اللیرة مرتبط بالآفاق السیاسیة المحلیة العامة والإدارة الاقتصادیة للأزمة المالیة/النقدیة والقدرة على احتواء العجَزین المزدوجین في المالیة العامة والحسابات الخارجیة.
وشدّد على انّ الخروج من هذا المأزق لا یمكن إلّا أن یكون عن طریق حلّ عام ینطوي على تشكیل حكومة ذات صدقیة، وإطلاق عجلة الإصلاحات المنشودة، وإبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي. وبالتالي، الحصول على المساعدات الدولیة في ظلّ التأثیر الذي یتمتّع به الصندوق على الدول المانحة والمؤسسات المانحة. وهنا نتساءل ماذا یفعل المعنیّون؟ 8 أشهر ولم تتشكّل حكومة بعد، في بلد یعاني أسوأ أزمة اقتصادیة في تاریخ لبنان الحدیث، وبحاجة لاستراتیجیة حكومیة للخروج من الأزمة ومقاربة أوجاع الناس.