كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:
إستنزف التهريب المستفحل على الحدود اللبنانية إحتياطي مصرف لبنان مع انهيار العملة الوطنية بأكثر من نسبة 85%، فأجهز على المواد المدعومة لا سيما الأولية منها (المدعومة على سعر صرف بقيمة 1515 ليرة) من محروقات وطحين وأدوية، فضلاً عن السلع الغذائية والمواشي، فحرم اللبنانيين منها وأهدر ودائعهم. والأسوأ أنه بات التهريب “مشروعاً” من قبل المهرّبين والقيّمين عليهم، الأمر الذي اكّده الشيخ صادق النابلسي أمس الذي اعتبر أن “كسر القوانين بين الشعبين السوري واللبناني أمر متّبع، وبالتالي التهريب مشروع وجزء من المقاومة”.
عمليات كرّ وفرّ تتكرّر على الحدود اللبنانية –السورية بين الجيش اللبناني وعصابات التهريب، وعند محاولة الجيش قمع الشاحنات المحمّلة بالمواد المدعومة من اجتياز الحدود، يتجرأ بعض السوريين، كما حصل امس، على تغطية عملية التهريب بإطلاق النار على الجيش، فيما اللبنانيون يتضوّرون جوعاً ويتشاجرون على كيس حليب وغالون زيت مدعومين.
ويعتبر نائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني لـ”نداء الوطن” أن “الكلفة الأساسية للتهريب هي تجويع اللبنانيين عبر شحن محروقاتهم وطعامهم الى سوريا، من خلال استخدام أموالهم المحجوزة في المصارف لدعم الاسعار”. مشيراً الى أن “إيقاف التهريب هو أول عمل إصلاحي وإنقاذي للوضع المالي والاقتصادي في البلاد”.
وحول الخسارة الإقتصادية التي نتكبّدها، أوضح أنه “من أصل كل 100 دولار تصرف في الدعم نخسر 40 دولاراً في التسرّب والتهريب”. مذكّراً بأن “هاجس اللبنانيين كان منع التهريب من سوريا الى لبنان مما كان يحرم الخزينة من الرسوم الجمركية ويدمر الصناعة والزراعة، اليوم أصبح الهاجس الأساسي هو التهريب عبر لبنان الى سوريا باستخدام أموال وودائع اللبنانيين”.
وأضاف: “يبدو أنّ المطالِب باستمرار الدعم كما هو باستخدام دعم سعر الصرف من “المركزي” بدل الدعم المباشر للعائلات المحتاجة، هو من يريد استمرار التهريب عبر الحدود. وهذه اللعبة أصبحت معروفة وهي “تجوّع” أهل بعلبك والجنوب وعكار وطرابلس والجبل والساحل في جبل لبنان على السواء وليست محصورة بفئة واحدة”.
ولناحية القيمة المقدّرة للتهريب الى سوريا إذا ما أضفنا اليها كلفة اللاجئين السوريين الموجودين في لبنان، فهي تتراوح سنوياً كما علمت “نداء الوطن” بين 4 و6 مليارات دولار، علماً أن التهريب نشط خلال العام الماضي مع استفحال الأزمتين المالية والإقتصادية في البلاد، وعمّق هوّتها وساهم بالانهيار من خلال هدر الأموال، فضلاً طبعاً عن منظومة الفساد المتحكّمة به، حتى ان البضاعة المدعومة المهرّبة وصلت الى دول تتعدى الحدود السورية لا سيما العراق والكويت.
وقد بلغت كلفة الدعم خلال العام الفائت مبلغ 6.437 مليار دولار، حيث هُرّب جزء كبير من هذا المبلغ الى خارج البلاد، مع الإشارة هنا الى أن نقاط التهريب تتوزّع على المعابر اللبنانية، حيث تقدّر المنافذ غير الشرعية بين لبنان وسوريا بنحو 124 منفذاً غير شرعي.