كتب رضوان مرتضى في “الاخبار”: على مدى خمس ساعات تقريباً، اجتمع مجلس القضاء الأعلى للتباحث بشأن «تمرُّد القاضية غادة عون» قبل أن يخرج المجتمعون بلا شيء. الخلاصة كانت: «سننتظر القاضية عون لنعرف ماذا ستقول»، ليبدأ التداول: «هل سترضخ عون أم أنها ستُصعّد؟ هل ستأتي إن دعوناها أم أنّها لن تأتي؟». أكثروا من طرح الأسئلة، إلى أن وصلهم الخبر بأنّها قررت الحضور حاملة 3 شكاوى ضد المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات. واحدة ستُسلّمها إلى وزيرة العدل، وأُخرى ستُسلّمها إلى مجلس القضاء الأعلى وثالثة ستُسلّمها إلى رئيس هيئة التفتيش القضائي.
هذه المداولات كانت تحصل على وقع أصوات المتظاهرين الذين انقسموا أمام قصر العدل بين مؤيدٍ لعون، ومؤيدٍ لقرارات مجلس القضاء الأعلى ضدها. ليس لدى مجلس القضاء أي خيارات. تطبيق المادة ٩٥ من قانون القضاء العدلي المتعلقة بطرح أهلية القاضي غير ممكن. يبقى مخرجٌ وحيد مرتبط بهيئة التفتيش القضائي الذي له إن اكتشف ارتكابها لمخالفات أن يقترح على وزيرة العدل ماري كلود نجم كفَّ يدها، إلا أنّ أعضاء مجلس القضاء الأعلى يعلمون أنّ وزيرة العدل لن توافق على قرار من هيئة التفتيش بكفّ يد القاضية. وبالتالي، بات مجلس القضاء الأعلى مكبّلاً في مواجهة النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان. وهنا يزداد المشهد قتامةً. إذ إنّ عدم التوصّل إلى حلّ يعني مزيداً من التعقيد بشكل يُنبئ بأنّ الأجهزة الأمنية ستنقسم. وسيكون هناك أجهزة لن تنفّذ إشارات القاضية عون كقوى الأمن الداخلي، في مقابل أجهزة ستنفّذ إشاراتها كجهاز أمن الدولة المحسوب على العهد. وبالتالي، لن تكون هناك إمكانية للحل سوى «بالسياسة»، لتدخل القضية بازار البيع والشراء بعدما عجز أهل القضاء عن حل مشكلتهم بأنفسهم.
وذكرت مصادر مطّلعة على الملف أن هناك سعياً للتوصل إلى تسوية لوقف الصدام على قاعدة لا غالب ولا مغلوب بين عويدات وعون. لكن، سيكون القضاء الحلقة الأضعف مجدداً.
ونقلت ” نداء الوطن” عن مصادر مواكبة لاجتماع مجلس القضاء الأعلى أمس، أنّ “التجييش السياسي والطائفي العوني تسبب في انقسام الآراء داخل مجلس القضاء بين رافض لاتخاذ أي تدبير زجري بحق تمرّد القاضية عون على قرارات رئيسها مدعي عام التمييز، مقابل الاكتفاء بالإجماع على أحقية القاضي عويدات بإعادة جدولة عمل النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان وحصر التحقيق بالجرائم المالية العامة بالقاضي سامر ليشع”، مشيرةً إلى أنّ “أياً من القضاة أعضاء المجلس لم يستطع أن ينازع في هذا الحق، ولا في وجوب إحالة الملف إلى التفتيش القضائي لإصدار توصياته بشأن أداء القاضية عون المخالف للأصول القضائية بعد رفضها الامتثال لقرارات مجلس القضاء الأعلى والنائب العام التمييزي، لكنّ التدخلات السياسية استطاعت أن تنفذ من بوابة “النصاب” المطلوب لاتخاذ القرارات بالتصويت داخل مجلس القضاء والذي يحتاج إلى أكثرية 8 أعضاء من أصل 10، الأمر الذي يستحيل تأمينه راهناً في ظل وجود 8 أعضاء فقط في المجلس، بعضهم محسوب على “التيار الوطني الحر” ويمانع في اتخاذ تدبير صارم بحق عون بموجب المادة 95 التي تنظر في عدم أهلية القاضي تمهيداً لعزله”.
وفي المقابل، سربت أوساط عونية أمس معلومات تفيد بأنّ “التيار الوطني الحر” ليس بصدد التراجع عن المعركة التي يخوضها ضد مجلس القضاء الأعلى، إنما سيدفع الأمور باتجاه مزيد من التصعيد والتحدي في مواجهة المدعي العام التمييزي من خلال إعداد العدة القانونية لخوض نزاع قضائي مع صلاحيات القاضي عويدات، عبر ادعاء ستقدمه القاضية عون ضده تتهمه فيه بتجاوز صلاحياته مع المطالبة بإبطال قرار تنحيتها وكف يدها عن متابعة الملفات المالية الهامة.
المصدر: لبنان 24