كتبت ثريا عاصي في “الديار”:
يُخيّل إلى المرء على ضوء ما يتناهى إلى العلم عن الفوضى «المبرمجة» في بلاد الأرز، أن هذه الأخيرة تحولت إلى مصيدة أطبقت على نسبة كبيرة من السكان الذين صاروا مهددين بخطر الإنقراض أو الإبعاد، ليس مستبعداً أن تكون الغاية منه إلغاء الدولة وإفراغ البلاد أو أجزاء منها، عملاً ببنود خطة معدة في إطار الصراع الجيوـ استراتيجي من أجل إحتلال مواقع أوسع في منطقة شرقي المتوسط العائمة كما نسمع على بحيرة من النفط أو الطائرة فوق الغاز، علم ربك!
الرأي عندي أن التطورات المتتالية والمتصاعدة عنفاً وإجراماً وحشياً منذ نهاية العام 2019 تنذر بإقتراب ساعة الإنقضاض على فريسة مكبلة، لا تستطيع الدفاع عن النفس أو الهرب . فمن المعلوم أن المناورات التي جرت طيلة العام الماضي نجحت إلى درجة كبيرة في تسفيه وابتذال التظاهرات الإحتجاجية التي خرجت ضد غلاء المعيشة وضد سطو المصارف على أموال المودعين، حيث جرى استباقها والمبادرة إليها أحياناً من جهات أرادت عمداً في أغلب الظن إثارة الشبهة حولها، منعاً لانتظام سلوكها وتكامل خطتها، فتبقى أسيرة الجماعات المتنافرة والتصرفات العشوائية والشعارات الإستفزازية، وتصفية الحسابات!
بكلام أكثر صراحة ووضوحاً افتقد الناس في هذه الأزمة إلى الحركة الوطنية الجامعة على مستوى البلاد، التي ظنوا في السنوات الثلاثين الماضية انهم بغنى عنها، لا سيما أن أقطاب المنظومة الحاكمة توصلوا بواسطة الترهيب والترغيب إلى ترويض الكثيرين من نشطائها، فحسْبُ الناس «إذا كان رب البيت بالدف ضارباً فلا تلومن الصغارَ على الرقص ِ»..
مهما يكن فقد حفل العام 2020 بأحداث مفصلية أخرى، كان أبرزها تفجير مرفأ بيروت والإشكالات التي أحاطت به، خاصة محاولات تنصل الحكومات التي تعاقبت في السنوات الست الماضية من المسؤولية وتحميلها لحكومة ضعيفة لم يكن مضى على تسلمها السلطة سوى بضعة أشهر في دولة مفلسة يضربها وباء الكوفيد، فأجبرت على الإستقالة، ليبقى رئيس الجمهورية وحيداً في الميدان، لغاية في نفس يعقوب.
شيئأ فشيئاً تتضح الصورة. هربت أموال أهل الحكم إلى المصارف الغربية، وضاعت ودائع الناس في المصارف، وفقدت العملة الوطنية 9 / 10 من قيمتها الشرائية، وظهر خلل فاضح في السلطة القضائية يطيح نهائياً بإمكانية إجراء تحقيق جنائي في قضايا الفساد والهدر، بينما تتزايد الضغوط في مسألة ترسيم الحدود البحرية التي ألقيت هي أيضاً في ملعب رئيس الجمهورية، فالمبعوث الأميركي ينتظر توقيعه أو استقالته في دور ضيافة رموز السلطة، كما يفهم من الإشاعات المسرّبة عن وجود خطة باء، تقضي بتشكيل حكومة وإغلاق جميع الملفات، عفا الله عما مضى، والبدء من صفر، والإنضمام إلى الصف العربي!