تتّجه أنظار اللبنانيين يوميًّا إلى سعر الصرف، وهم الذين يتابعونه بدقّة لمعرفة مدى قدرتهم على الصمود في ظلّ الأزمات المتتالية. وفي ظلّ التعدّد في أسعار صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار ما ينعكس سلباً على العملة الوطنية، أعلن مصرف لبنان عن منصة “صيرفة” التي من المفترض أن يكون موعد انطلاقها اليوم. فما هي انعكاساتها؟ وهل تلغي السوق السوداء؟
يرى الخبير الاقتصادي والمالي جاسم عجاقة في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية، أنّه “بالمطلق إطلاق المنصة مفيد جدًا وضروري، إذ سيكون لإطلاقها تأثير إيجابي، وتلقائيًّا سينخفض سعر صرف الدولار لأنّ هذا الأمر هو بطلب مؤسساتي ولا يمكن المضاربة عليه كما يحصل في السوق السوداء”.
ويشرح: “من المفترض أن يمتصّ إطلاق هذه المنصة الطلب المؤسساتي الموجود في السوق السوداء وبالتالي يخفّ حجم السوق السوداء، ويبقى مبدئيًّا ثلاثة أسعار صرف فقط هي 1500 ليرة 3900 ليرة والسعر الذي سيُطلق على المنصة”، ولكن يبقى السؤال الأساسي برأي عجاقة هو: ماذا سيحصل بعد إطلاق المنصة؟ وهل سيتمّ وقف التهريب؟
يقول عجاقة: “في حال استمرار التهريب تكون هذه المنصة تخدم المهربين والتجار الذين سيستفيدون من السعر المتدني، مقارنة مع السعر في السوق السوداء، من أجل زيادة التهريب إلى الخارج وهذا الأمر غير مقبول. وأعتقد أن التجار سيمارسون أبشع أنواع الاستغلال بحيث سيأخذون الأموال ويدفعون باتجاه زيادة التهريب أكثر وبالتالي تتزايد المشكلة على هذا الصعيد لأنّ الدولة غير قادرة على توقيف هؤلاء”.
التهريب من أبرز الأسباب التي تفاقم الأزمة، ويبقى المدماك الأوّل والأساسي للخروج من المأزق تشكيل حكومة.
هنا يلفت عجاقة إلى أنّنا “نحتاج إلى حكومة تعمل على خطة للمعالجة وعلى توحيد سعر صرف الدولار. واتخاذ بعض الإجراءات من ضمنها وقف التهريب مثلاً، يساهم كثيراً في حلّ الأزمة ولكن أشكّ أن يكون هناك نوايا لوقف التهريب بسبب المصالح.
ويختم: “إذا لم تؤدي هذه المنصة الغرض منها، ستتحوّل إلى منصة للتهريب ودعم المهربين. وسعر الصرف سيزداد في ظلّ غياب الحلّ السياسي بغضّ النظر عمّا إذا تمّ إطلاق المنصة أم لا، ولكن تبقى مصلحتنا في أن نُنجح الأمر”.
فهل تكون كلّ هذه الإجراءات مجرّد علاجات موقتة وتخدير إلى حين إيجاد الحلّ السياسي؟