كتب عماد الشدياق في “أساس ميديا”:
تخوض غادة عون معركتها الأخيرة. تحارب، تقاتل، تفتح الجبهات، لكنّها تعلم جيّداً أنّ في نهاية المطاف ما تصارعه ليس إلّا طواحين الهواء بعدما جُرّدت من صلاحياتها وما عادت ذات صفة قضائية وقانونية في كلّ ما تفعل.
هي تعرف أن لا دور قضائياً لها بعد اليوم في الملفّ المالي، ولهذا تحاول أن تعظّم الأمر على قاعدة “يا أزمة اشتدي… بتنفرجي”، علّها تفرض واقعاً معيّناً أو تعيد عقارب الساعة إلى الوراء. لكن ما لا تعرفه عون أنّ ما كانت تدّعي التحقيق من أجله ومن أجل الحفاظ عليه، أي سعر صرف الدولار، باتت هي اليوم المهدِّد الأوّل له.
فالتوتّر، الذي سبّبته غادة عون في اليومين الماضيين، قد يرتدّ على سعر صرف الدولار، وقد نبدأ بتلمّس ذلك مع بداية صباح الاثنين. عندئذٍ سيظهر أنّ العهد يساهم في تأجيج سعر الصرف وتعميق الأزمة، خصوصاً أنّ الجهة التي تستهدفها عون، المجرّدة من صلاحياتها، هي جهة مولجة بنقل الدولارات إلى بلد متعطّش لها، وتحوز ترخيصاً من الخزينة الأميركية.
إذاً عون “أغارت” بعد ظهر أمس مرّة ثانية على شركة مكتّف للصيرفة في عوكر، لكنّها هذه المرّة لم تكن وحيدة أو برفقة أمنيّين من رجالها، بل كانت غارتها الثانية “وهميّة”، بمؤازرة ناشطين عونيّين، وفريقها من “المجتمع المدني” في “متّحدون” وبلطجيّة، واستمرّت حتّى المساء.
وبحسب مصادر خاصّة ، فإنّ القاضي سامر ليشع، المكلّف بالقضايا المالية المهمّة بموجب قرار توزيع الأعمال، الذي صدر عن مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات قبل يومين، كان مقرّراً أن يزور مكاتب مكتّف في عوكر بعد ظهر أمس السبت. لكن يبدو أنّ الخبر قد سُرِّب إلى عون التي استبقت ليشع إلى عوكر برفقة مجموعة من العونيين، ففضّل ليشع عدم الذهاب إلى هناك.
عون “أغارت” بعد ظهر أمس مرّة ثانية على شركة مكتّف للصيرفة في عوكر، لكنّها هذه المرّة لم تكن وحيدة أو برفقة أمنيّين من رجالها، بل كانت غارتها الثانية “وهميّة”، بمؤازرة ناشطين عونيّين، وفريقها من “المجتمع المدني” في “متّحدون” وبلطجيّة، واستمرّت حتّى المساء
ماذا تريد غادة عون من ميشال مكتّف؟
أكّد مدير “شركة مكتّف” للصيرفة ميشال مكتّف، أنّ المطلوب من كلّ ما تقوم به عون هو “تشويه صورتي”. وقال مكتّف إنّ “معلّمي غادة يطلبون منها ذلك، وما عاد الأمر مجرّد صدفة أبداً. فأن تُرفع دعوى ضدّ صحيفة نداء الوطن التي أنا ناشرها، ثم تُستهدف اليوم شركة مكتّف للصيرفة، التي أديرها، بهذه الطريقة الغريبة، يبيّنان التجنّي الذي ما عاد خافياً على أحد”.
سألنا مكتّف عن سبب استهدافه بهذه الطريقة المركّزة، فكشف أنّ القضية تتعلّق بمصرف لبنان وبالمصارف التي تدّعي عليها غادة عون. وكشف أنّ القاضية تتّهمه بأنّه يخفي معلومات عن تحويل أموال مصارف ونافذين إلى الخارج: “هي تحاول الضغط عليّ حتى أخبرها أموراً أنا لا أملك إجابات عنها أصلاً. تدّعي عليّ بواسطة مرتزقة يعملون لصالحها حتّى أقول لها معلومات عن تحويل الأموال، وأنا لا أملك هذه المعلومات”. وأضاف: “ما تحاول فعله غادة عون، ومَنْ خلفها، هو افتراء بحت ومحاولة بائسة لتشويه الإعلام الحرّ ومصادرته والسيطرة عليه”. واعتبر أنّ “كلّ هذه المسرحية مسيّسة وواضحة وضوح الشمس”.
وقال مكتّف: “يكفي معاينة الأشخاص الموجودين أمام الشركة للتأكّد من هويّتهم السياسية ومعرفة مصدر الاستهداف. لكن أقول لها: لا غادة عون ولا غيرها قادرون على كسر ميشال مكتّف”. وعن مداهمة غادة عون مكاتب شركته، كشف أنّ “القاضية المتمرّدة” تمكّنت من “مصادرة ملفات وأجهزة كمبيوتر خاصة بالشركة”، وقال إنّها صادرت كمبيوتره الشخصي من مكتبه، مؤكّداً أنّها “لن تجد في هذه الحواسيب أيّ معلومات من تلك التي تدّعي أنّنا نخفيها”، داعياً إيّاها إلى “كشف فساد العونيين في وزارة الطاقة وباقي الوزارات”.
وقد أسرّت مصادر قضائية مطّلعة على الملف لـ”أساس” أنّ “تسليم شركة مكتّف المستندات والحواسيب أمس إلى غادة عون كان خاطئاً”، خصوصاً أنّ “ما تقوم به عون على مدى اليومين الفائتين قد جوبه برفض كامل من السلطات القضائية التي قامت بكل ما هو ممكن لردعها”، وأنّ “شركة مكتّف كانت مطالبة بأن تكون أشدّ حزماً في مواجهة عون”.
وألغت عون ليلاً قرار البحث والتحرّي الصادر بحقّ ميشال مكتّف، ورفعت الشمع الأحمر عن شركته وعيّنت جلسة جديدة للخبراء الثلاثاء المقبل، الأمر الذي يمكن اعتباره انهزاماً أمام مكتّف، وإقراراً بأنّ غزواتها لم تكن لها علاقة بالقانون أو بالملفّ، بل كانت للاستعراض الإعلامي ولتوجيه الرسائل السياسية فقط.
سألنا مكتّف عن سبب استهدافه بهذه الطريقة المركّزة، فكشف أنّ القضية تتعلّق بمصرف لبنان وبالمصارف التي تدّعي عليها غادة عون. وكشف أنّ القاضية تتّهمه بأنّه يخفي معلومات عن تحويل أموال مصارف ونافذين إلى الخارج
هل يغطّي الرئيس القاضية المتمرّدة؟
وكانت قد شاعت أخبار، منذ أمس، عن رفع الرئيس ميشال عون الغطاء عن غادة عون، إلا أنّ مصادر مطلعة شكّت في هذا الكلام، وادّعت أنّ “القاضية عون كانت على اتّصال مباشر بقصر بعبدا منذ أمس الأول، وكانت تقول للحاضرين في الشركة إنّها لا تأبه للقرارات القضائية كلّها طالما تغطّيها أعلى سلطة في البلد”. وما حصل، بعد ظهر أمس السبت، يوضح حقيقة غطاء بعبدا على حركتها.
الاجتماع في وزارة العدل، بعد ظهر أمس، الذي جمع رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود ومدّعي عام التمييز غسان عويدات ورئيس التفتيش القضائي بركان سعد مع وزيرة العدل ماري كلود نجم، لم تكن أجواؤه إيجابية، إذ علم “أساس” أنّ الجهات القضائية الثلاث، وعلى رأسها عبود، أجمعت على أن لا مفرّ من تطبيق القانون، أي تطبيق القرار الصادر عن مدّعي عام التمييز الذي قضى بنزع الصلاحيات منها، خصوصاً بعدما تحمّل المجلس مخالفات غادة عون مرّات ومرّات.
ما هو مصير غادة عون بعد الإحالة؟
أكّدت المصادر القضائية أنّ مصير غادة عون قد يبقى معلقاً بلا أيّ حسم، وبقائها في منصبها مدّعية عامةً يجعلها متعدّية على الصلاحيات، وعدم التزام الضابطة العدلية بتعليماتها سيجعل قراراتها دون مفعول تنفيذي، لأنّ الإجراءات المسلكية بحقّها ستكون صعبة وتحتاج إلى قرارات استثنائية. فإعلان عدم أهليّتها يحتاج إلى قرار يصدر عن مجلس القضاء الأعلى، وهو بدوره يحتاج إلى 8 أصوات من أصل 10. ويقتصر نصاب المجلس اليوم على 8 أعضاء فقط، بينهم عضوان عونيّان، فيكون اتّخاذ قرار كهذا صعباً جداً.
نهاية غادة عون
أمّا الخيار الثاني فسيكون طردها تأديبياً، الذي يستوجب قراراً يصدر عن هيئة التفتيش القضائي، ويحتاج إلى تصويت 5 أعضاء من أصل 5 هم أعضاء الهيئة، ثمّ يجب تكريس القرار بمرسوم يصدر عن رئيس الجمهورية ميشال عون، وهذا بدوره أمر أقرب إلى المستحيل. فالرئيس لم يوقّع التشكيلات القضائية في حينه لأنّها لم تُرضِ غادة عون… فكيف بقرار طردها؟
الأهم أنّها صارت قاضية تستعمل “البلطجية” في تنفيذ قرارات لا قيمة قانونية لها..