سجل الدولار قفزات جنونية إزاء الليرة، إلى أن تجاوز سعر صرفه في السوق الموازية مستوى 15 ألف ليرة قبل أسابيع، ليعود ويستقر منذ منتصف شهر آذار الماضي، ولتاريخه عند هامش بين 11,500 ليرة للدولار الواحد و12,000 ألف ليرة.
التحليلات حول أسباب هذا الارتفاع التاريخي السريع للدولار ازاء الليرة كثيرة، إلا أن قلّة من المحللين الماليين والمصرفيين أصابوا في تحليلاتهم، وفي مقدمهم الأمين العام لجمعية مصارف لبنان مكرم صادر الذي يرى “أن أسعار صرف أي عملة في أي بلد مربوطة عضوياً ببنية اقتصاد هذا البلد، بما فيها خصوصاً بنية مدفوعاته الخارجية”.
ويتوسع صادر في الشرح والتحليل أكثر ليقول: “إن قوة اقتصاد البلد تنعكس في تبادلاته التجارية والمالية مع الأسواق العالمية قوة في عملته، كما تنعكس ضعفاً لها مع تراجع التصدير وتزايد الاستيراد”.
ويتابع: “لذلك علينا التعامل بحذر مع حسابات ميزان المدفوعات في لبنان، علماً أنها المحدد الرئيسي لسعر صرف الليرة بغض النظر عن مضاربات من هنا وعن تنظيرات من هناك”.
ويؤكد صادر، أن المدخل إلى أسعار صرف على درجة مقبولة من الاستقرار، يتطلب تصحيحاً كبيراً جداً في تبادلات لبنان مع العالم. وقد بدأ هذا التصحيح في الاقتصاد الحقيقي خلال العام 2020، حيث تراجع حجم الإستيراد خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي، بنحو 7 مليارات دولار (من 16 إلى 9 مليارات دولار)، بحسب آخر إحصاءات متوافرة للتجارة الخارجية، ليسجل الاستيراد تراجعاً نسبته 43% في أول 10 أشهر من 2020 مقارنة مع الفترة ذاتها من 2019.
أما الصادرات ومعظمها صناعي، فقد تراجعت في الفترة ذاتها بما لا يقل عن 5%.
ويختم أمين عام جمعية مصارف لبنان بالقول، إن الانخفاض في عجز الميزان التجاري كان من المفترض أن ينعكس تراجعاً أو على الأقل استقرارا في سعر صرف الليرة. فما الذي حدث ليستمر سعر الصرف في التدهور؟ تكمن الإجابة على هذا التساؤل في التغيرات التي سجلتها ثلاثة حسابات رئيسية في ميزان المدفوعات، وهي: حساب تحويلات العاملين في الخارج، ثم حساب الإستثمارات وأخيرا حساب الرساميل القصيرة الأجل وباصة منها ودائع غير المقيمين.