قدم الفرنسيون، ومنذ أن طرحوا مبادرتهم في آب الماضي، أقصى ما امكنهم ان يقدموه من حشد لأوروبا معهم، وحضور متواصل ودائم على حلبة الازمة في لبنان، وجهود ومحاولات مضنية، ولكنهم فشلوا في جلب الأضداد السياسيين في لبنان الى بيت طاعة بلدهم. واصطدموا بانسداد احبط مبادرتهم. وها هم تبعاً لهذا الفشل يتحضّرون لعقوبات تأديبية لمن سمّوهم معطّلي حكومة المبادرة الفرنسية.
ونقلت مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية انّ باريس واكبت عن كثب، مجريات الحراك العربي الاخير في بيروت، وعلّقت بعض الامل على أن تتمكن هذه الجهود من تحقيق اختراق يعجل بولادة الحكومة في لبنان. الا انها شعرت بخيبة من الفشل الذي انتهى اليه، ودفعت اليه «الجهات المعروفة»، التي اكدت تعنّتها وإصرارها على اعاقة الحل في لبنان.
ولفتت المصادر ان الخطاب الأخير للرئيس ميشال عون، كان له الصدى السلبي في الاوساط في باريس، وثمّة من قرأه على انه يقطع الطريق على إمكان تشكيل حكومة.
واشارت المصادر الى انّ باريس باتت تُراكم سلبيات بعض المكونات السياسية في لبنان، والاجواء هنا تشير الى أن الجانب الفرنسي يعدّ، او هو ربما على شفير ان ينتهي من إعداد مقاربة قاسية تجاه الوضع في لبنان، تتضمّن، وفق ما هو متداول في الاوساط الفرنسية المعنية بالملف اللبناني، ما قد يُفاجىء الكثيرين في حدّته وصراحته وإلقاء مسؤوليات مباشرة على بعض المسؤوليين وكذلك على بعض السياسيين التي أدرجتهم باريس في خانة المعطلين للحل الفرنسي في لبنان ومنع تشكيل حكومة المهمة الانقاذية فيه، مع إعلان سلّة اجراءات وخطوات عقابية في حق هؤلاء.
وعندما سُئلت المصادر عن توقيت اعلان السلة العقابية، اكدت عدم امتلاكها لموعد محدد، الا انها قالت: لقد ألزَمت باريس نفسها باتخاذ خطوات ضاغطة بحق معطّلي الحل في لبنان، وكل ما يحيط بالموقف الفرنسي حيال هذا الأمر يؤشّر الى أننا قد نرى تلك الخطوات قريبا جدا، ما يعني ان المسألة هي مسألة ايام لا أكثر.