لا تُحْسَد الأحزاب اللبنانية المنضويّة تحت السلطة على واقعها الأليم الذي وصلت إليه، وإنعدام الثقة الشعبية فيها، من الوضع الاقتصادي الصعب الذي تفجَّر في 17 تشرين الاول في 2019، مروراً بإنفجار 4 آب الذي دمر بيروت، وصولاً إلى الكيدية السياسية التي تُمارسها في موضوع تشكيل الحكومة.
إفلاس شعبي كبير، بانت ملامحه في إمتناع أحزاب السلطة من خوض غِمار الإنتخابات الطالبية في عدد من الجامعات، خوفاً من السقوط المدوّي، ورغم فشلها، تصرُّ هذه الأحزاب الطائفية على إعتماد وسائل إسترضاء لا تعلم إنها لم تعد تنفع في تضميد جروح اللبنانيين، حتى التململ أصاب صفوف مُناصري هذه الأحزاب، وفقدت قدرة السيطرة عليهم كالسابق.
فلجوء “التيار الوطني الحر” إلى حملة “الشتول” لتشجيع الزراعة، والقوات اللبنانيّة إلى حملة لتلقيح أبناء بشري، و”حزب الله” إلى افتتاح تعاونية السجاد في الضاحية لإمتصاص غضب ناسه وجوعهم، لا يمكن إدراجها إلّا في إطار إمتصاص الغضب الشعبي على هذه الأحزاب.
فكلّ هذه الخطوات ليست سوى “مسكنات” قبل العاصفة التي ستجتاح القيادات السياسية في الإستحقاقات الانتخابية المقبلة، ولن تنجح الأحزاب في الحفاظ على ناسها على الأقل أمام “هول الفشل” الذي تسبَّبت به في إدارة الدولة ومؤسساتها، والخطر المالي الذي أوقعت البلاد فيه بسبب سياساتها المالية الفاشلة التي أدت إلى تبخر أموال المودعين، وحتى الفرصة الأخيرة التي أُعطيت لها من خلال المبادرة الفرنسية لتشكيل حكومة مهمة قادرة على فرملة الإنهيار، وُلدت ميتة بسبب منطق المحاصصة الذي غرقت فيه المحاولة الفرنسية لإنقاذ لبنان عبر من ساهموا في تدميره.
ويبقى الخيار الوحيد لإنقاذ لبنان، هو تغيير هذه السلطة الحاكمة عبر الإستحقاق الإنتخابي المنتظر في العام المقبل، وأن ينجح اللبنانيون بإيصال ممثلين قادرين على حماية مصالحهم وإعادة بناء الدولة على أساسات واضحة بعيدة عن السياسات الزبائنية الضيقة، لكن الخوف الأكبر يبقى هو أن تعمل السلطة الحالية على منع حصول الاستحقاق الانتخابي في موعده.