كتب غسان ريفي في”شفير الشمال”: يبدو واضحا أن هناك إهتماما دوليا وعربيا غير مسبوق بمدينة طرابلس الموضوعة قبل فترة تحت المجهر على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والتربوية، ما يؤكد أن الدول المعنية بشؤون لبنان باتت على قناعة بأن الفيحاء قد ظُلمت كثيرا ليس من الدولة اللبنانية التي تعاطت معها بسياسة الحرمان والاهمال فحسب، وإنما أيضا من المجتمع الدولي الذي أدار ظهره عنها لسنوات.
هذا الاهتمام، يوحي بأن الصورة النمطية التي تكونت خلال السنوات الماضية عن طرابلس سوف تبدأ عمليات تغييرها خلال فترة وجيزة، مع تحول وجهة السفراء الأجانب والعرب إليها للاطلاع على حاجاتها وسبر أغوار ما تختزنه من إمكانات وقدرات وموقع جغرافي يمكن البناء عليهم في عملية الانماء المتكاملة.
باكورة هذا الاهتمام، كان مع أكثر من زيارة قامت بها السفيرة الفرنسية آن غريو الى طرابلس ولقاءها فاعلياتها الاقتصادية والاجتماعية، وهي إعتبرت أن هناك تقصيرا من فرنسا بحق طرابلس التي تحمل لها كل الود، خصوصا أن طرابلس مدينة فرنكوفونية بامتياز ومعظم أهلها تخرجوا من مدارس فرنسية ويتكلمون اللغة الفرنسية.
لذلك تشير المعلومات الى إهتمام فرنسا في طرابلس سيحمل طابعا إنمائيا، تربويا وإجتماعيا، علما أنها للمرة الأولى تبادر فرنسا الى مساعدة طرابلس حصرا من خلال بعض التقديمات لجمعيات أهلية مختلفة.
الأميركيون مهتمون بمرافق طرابلس.. فهل تشتعل المنافسة مع الصين وروسيا؟
مرفأ طرابلس بين الاهمال المعتاد والاستثمار المستجد.. هل لحركته بركة؟
بالتزامن يبدو واضحا الاهتمام الأميركي بالمدينة، حيث حرصت السفيرة دوروثي شيا الى زيارتها مرتين متتاليتين في غضون شهرين، الأولى خصصتها لغرفة التجارة والصناعة والزراعة حيث إستمعت من رئيسها توفيق دبوسي الى تفاصيل ومرتكزات المنظومة الاقتصادية التي تطلقها الغرفة من طرابلس الكبرى والاهتمام العربي والدولي فيها، وأبدت إعجابها بها.
اما الزيارة الثانية فكانت يوم الخميس الفائت الى مرفأ طرابلس حيث إطلعت على سير العمل فيه وإستمعت الى شرح مفصل من مديره الدكتور أحمد تامر حول التطور الذي سيلحق به من خلال القرض الاسلامي البالغ 86 مليون دولار والذي سيستخدم في تحويله الى مرفأ ذكي يتعاطى العمل الاداري إلكترونيا كما سيساهم في إستكمال كل يحتاجه من بنى تحتية ومستودعات ومساحات.
وتشير المعلومات الى أن السفيرة شيا أبدت إهتماما كبيرا من قبل بلادها بمرفأ طرابلس والمنطقة الاقتصادية الخاصة القائمة في حرمه، وهي سألت من يعنيهم الأمر على حفل غداء أقيم على شرفها “ماذا تستطيع الولايات المتحدة الأميركية أن تقدم لطرابلس؟” مؤكدة أن “المرفأ سيكون على جدول الأعمال الأميركي خصوصا أنه بعيد عن نفوذ حزب الله وإيران، ويمكن ضبط حركته ومنع أي تهريب يمكن أن يحصل من خلاله”.
هذا الاهتمام الأميركي بطرابلس يعكس تبدلا جذريا في النظرة الغربية الى المدينة التي كانت حتى الأمس القريب بنظر الغرب مدينة متشددة غير آمنة وممنوع على البعثات الدبلوماسية زيارتها.
وكان لافتا الاهتمام الأميركي الاضافي بجبل النفايات القائم بالقرب من مرفأ طرابلس والبحث في كيفية إزالة المخاطر التي يمكن أن تنتج عنه، خصوصا في ظل التقارير التي تؤكد أنه يشكل قنبلة موقوتة لا تقل خطرا عن إنفجار مرفأ بيروت.
وفي هذا الاطار إستضاف رئيس غرفة طرابلس توفيق دبوسي الى جانب الدكتور خلدون الشريف والعميد محمد الفوال، والدكتور جلال حلواني، وفدا من الخبراء الأميركيين واللبنانيين من شركتين أميركتين تهتمان بالبيئة، حيث جرى تقديم شرح كامل حول تاريخ المكب وما يختزنه من اليوم من غازات تلوث الأجواء وتهدد السلامة العامة، وكيفية الحد من مخاطره، وصولا الى إزالته بالكامل وتحويله الى حديقة.
لا شك في أن معالجة جبل النفايات تنعكس إيجابا على مصلحة المرفأ والمنطقة الاقتصادية والمنظومة الاقتصادية التي تلقى إهتماما دوليا وعربيا لا سيما من دولة الامارات من خلال تعاطي موانئ دبي وجبل علي بشكل جدي مع غرفة طرابلس للاستثمار في المنظومة الاقتصادية المتكاملة التي تتضمن مرفأ دوليا، ومطارا ذكيا ومنصة غاز ونفط ومنطقة إقتصادية خاصة وحوض جاف لاصلاح السفن، إضافة الى الركن الذكي في الغرفة الذي من شأنه أن يعيد آثار طرابلس وحضارتها الى الخارطة السياحية اللبنانية.
كما يترافق كل ذلك، مع إهتمام سعودي عبر مؤسسة الملك سلمان عبدالعزيز التي تشير المعلومات الى أنها تستعد لوضع برنامج يتضمن سلسلة مساعدات لطرابلس.