تُقدّم المبادرات التي تهدف الى تذليل العقبات في شأن تشكيل الحكومة وكأنها مبادرة تنقذ لبنان واللبنانيين مما هم فيه، لكن هل هذا هو الواقع؟ ام انه مجرد وهم يتعلق به اللبنانيون؟
السؤال الاساسي الذي يمكن ان يطرح في هذه المرحلة الذي زاد الحديث فيها عن تشكيل الحكومة بعد مبادرة الرئيس نبيه بري هو، ماذا لو تشكلت الحكومة؟ وهل ستحل مشكلة اللبنانيين؟
في الواقع ان الحكومة المقبلة، وبالنظر الى الخلافات الحالية التي منعت تشكيلها منذ اشهر، ستكون حلبة صراع كبرى وسينتقل الخلاف من خارجها الى داخلها، خصوصا بين رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه الوزاري وبين الرئيس سعد الحريري وفريقه.
من اهم المهام الموضوعة لهذه الحكومة هو الوصول الى خطة انقاذية، وعلى الارجح فان القوى السياسية غير متفقة، ليس على الخطة فقط، بل ايضاً على التوجه الاستراتيجي، ففي حين ان بعض القوى السياسية تسعى للاتفاق مع صندوق النقد الدولي تعارضها اطراف اخرى بشدة، كحزب الله مثلا الذي ينادي بالتوجه شرقا ويواجه بمعارضة شرسة من خصومه. لكن حتى لو تم الاتفاق مع صندوق النقد من المتوقع ان تقوم الحكومة اولا بإجراءات قاسية لتحميل اللبنانيين اثمان الانهيار وثانيا فلن تكون تقديمات صندوق النقد سوى ما يكفي للغذاء والدواء…
ستتألف الحكومة من قوى سياسية تهدف الى تحسين وضعها الانتخابي، وبالتالي ستعمل بشكل او بآخر على القيام بحراك استعراضي داخل الحكومة ، وستقوم بمنع خطوات اصلاحية لاسباب شعبوية وسيزيد الخلاف بين القوى السياسية لشد العصب وستكون الحكومة معطلة عمليا، وهذا ما سيعني خلافات حول قانون الانتخاب واجراء الانتخابات والخطط الوزارية وغيرها.
من هنا، لا يبدو التفاؤل بمجرد الذهاب الى تشكيل حكومة بعد اشهر من المماطلة في محله، فالاحتياط الالزامي للعملات الاجنبية يشارف على النفاد والدعم سيرفع، بحكومة او من دونها، الا اذا فاجأتنا القوى السياسية بتبدل نوعي باسلوبها ونظرتها للواقع اللبناني…