كتب شادي هيلانة في “أخبار اليوم”:
في نظرة على هذه السياسة الملتوية، قدّ يكون دعم كهرباء لبنان نموذجاً جديداً في تاريخ لبنان الحديث، إذ تعبر الكارتيلات المسيطرة على النظام السياسي، عن عجز المسؤولين وفسادهم غير المسبوق في ادارة الدولة وشؤونها، لأنهم جعلوا من اموال المودعين الموجودة في مصرف لبنان اداة “احتكار ونهب” تحت مسمى موجودات مصرف لبنان القابلة للاستعمال، كان اخرها الـ ٢٠٠ مليون دولار كسلفة كهرباء لتضيء عتمة لبنان من جيوب اللبنانيين.
المواد المدعومة من جيوب المودعين
ولم تقف القصة هنا، فالمواد التموينية والسلة الغذائية، وكافة أنواع المحروقات بوجه عام، كما انّ جميع هذه المواد المدعومة هي من خزينة المودعين، والتي يتم إخراجها من لبنان، بما فيها الآليات المستعملة لهذه الغاية.
… من محروقات وأدوية ومستلزمات طبية فقدت من السوق المحلي، لنجدها على رفوف وصيدليات ومحطات المحروقات في دول عدة، لا سيما في سوريا.
حملة واستيلاء
إلّا انّه، ومنذ بداية الأزمة المالية، بدأ الترويج والتسويق لأفكار وآراء يشوبها التضليل وخلط الحقائق لتحميل كبار المودعين مسؤولية الأزمة المالية التي لا علاقة لهم بها. وتهدف هذه الحملة إلى تبرئة المسؤولين الحقيقيين عن الأزمة، وتحديداً الدولة اللبنانية بأركانها، التي استدانت أموال الناس وصرفتها والقطاع المصرفي الذي جَيّر لها الأموال. وعلى الرغم من تكشّف الحقيقة، فقد استمرتّ الحملة على المودعين تسهيلاً للاستيلاء على ما تبقى من ودائعهم.
ضغط وابتزاز
وتشير الأرقام إلى أنّه تم استخدام أكثر من 85 في المئة من أموال المودعين في توظيفات لدى مصرف لبنان على شكل هندسات مالية، إفساحاً في المجال وشراء للوقت، ولم تأتِ المتغيرات في الأداء السياسي- كما يقول احد المتخصصين في الشأن المصرفي عبر وكالة “اخبار اليوم”- التي كانت توجب اعتماد إصلاحات بنيوية تعيد تحريك آليات الاقتصاد، لخلق الأموال وإعادة الودائع إلى أصحابها.
ويضيف: “من الطبيعي توفير الحدّ الأدنى من المبلغ في بلد يعيش حالة من الإفلاس”، من جيوب المودعين، لافتاً إلى أنّ “المسؤولين عن قطاع الكهرباء يعرفون تماماً أنهم وصلوا إلى مأزق كبير وطريق مسدود في وزارة الطاقة، وذلك نتيجة سوء الإدارة والنهج الذي لا يستوعب قانون أو شفافية، بل يسير وفق ممارسات تقوم على الغش والاحتيال والضغط والابتزاز”.
جرأة وتنفيذ
ويلفت الى ان انّ الهدر يعود إلى صفقات الفيول المقدرة بـ150 مليون دولار سنوياً. ويعتبر أنّ المشكلة في الكهرباء تكمن في الدعم، حيث لا قدرة لأحد منذ 25 عاماً على توقيفه ورفع سعر الكهرباء الذي يحقق التوازن المالي ويخفف الاستهلاك بشكل كبير”.
ويؤكد ان هناك خيارا وحيدا وهو الذهاب الى تأليف حكومة، ويعتبر هذا الملف من اولويات الملفات الاصلاحية لجلب الاموال، في حلّ موضوع الكهرباء “العقيم” والمزمن، كما يشترط صندوق النقد الدولي، فالتخلف عن ذلك او عدم تأليف الحكومة المنتظرة في اسرع وقت هو جريمة كبرى تقع على عاتق المسؤولين!
ويختم: إنّ أزمة الكهرباء بحاجة إلى قرار وجرأة في اتخاذه وتنفيذه”.