تثير الأزمة اللبنانية تساؤلات عن مدى استفادة القوى السياسية اللبنانية من دور ممثلي الدول الأوروبية والغربية والخليجية في لبنان، وتكمن المعضلة في تمادي المسؤولين السياسيين في التعامل بطريقة غير طبيعية مع السفراء لغايات سياسية داخلية و خارجية تتلاءم مع محور ضد محور اخر، الامر الذي أفسد علاقات لبنان مع الدول العربية والغربية.
الأكيد ان السفراء الذين يحملون مبادرات من دولهم وينقلوها إلى السياسيين الأساسيين في البلد بالدعوة الى انتهاج تسووي وعدم وضع الشروط امام تأليف الحكومة، بدأوا يتململون من أداء بعض المقار الرسمية لا سيما الرئاسة الاولى التي تتعمد رمي التهم على غيرها وتجنيب نفسها مسؤولية انهيار البلد، كما تقول مصادر مطلعة على الأجواء الدبلوماسية.
و بدا واضحا، بحسب مصادر متابعة للحراك الديبلوماسي الى بعبدا، ان السفراء الذين زاروا القصر الجمهوري في الايام الماضية، اتت زيارتهم بناء على طلب ودعوات رسمية وجهت لهم من الرئيس ميشال عون عن سابق تصور وتصميم، وتأتي تحت عنوان النكايات السياسية لا أكثر ولا أقل، فهؤلاء الدبلوماسيون لم يسمعوا أي توجه لدى الرئيس عون أو نية لديه لحل الأزمة الراهنة والتصدي للتحديات خارج المواقف المعلنة سابقا ، فخرجوا مستائين مما سمعوه معتبرين أنه يحمل هدفا واحدا يصب في خانة التحريض على مكونات سياسية أخرى، و لا يحمل أي بوادر انفتاح على معالجة الوضع الخطر في لبنان.
استياء فرنسي من فريق بعبدا
مقدمات نشرات الأخبار
في المبدأ يفترض، بحسب المصادر، أن يشبك العهد علاقات متوازنة مع السفراء كافة بهدف تحسين علاقات لبنان مع الدول الصديقة التي ساعدت لبنان في سنوات مضت، ودفعها الى الاستثمار فيه مجددا بتقديم الحوافز لها بدلا من تهريبها، بيد انه ومنذ وصوله الى القصر الجمهوري دخل في مرحلة من المراحل لعبة المحاور رغم يقينه ان هذا الامر سيلحق الضرر بلبنان ، لكنه في الوقت ذاته كان يراعي في أدائه حسابات بعض حلفائه، وخير دليل على ذلك غياب بيانات وزارة الخارجية في السنوات الماضية عن ادانة ما تعرضت له السعودية من اعتداءات او إصدارها بيانات شكلية الا لماما وبشكل مجول، الامر الذي ضاعف من التباعد بين الرياض والرئاسة الاولى وانعكس سلبا على لبنان.
من هنا تستغرب المصادر نفسها كيف يسمح الرئيس عون بتسريب معلومات مزعومة عن مضامين لقاءاته بالسفراء، خاصة وانه يدرك أن ما سرب لا يقبله عاقل أو يصدقه وأن محاولة إحراج السفراء لم ولن تنجح، من منطلق أن الموفدين الغربيين إلى لبنان أسوة بالسفراء المعتمدين في لبنان لا يرددون في القول إن هذه التصرفات لا تليق بموقع رئاسة الجمهورية. فالسفيرة الأميركية، التي زارت بعبدا قبل ثلاثة أيام، تحمل مسؤولية تعطيل التأليف لرئيس الجمهورية، وهناك توجه أميركي نحو فرض ضغوطات على المعطلين من أجل تسهيل التشكيل وبالتالي ليس هناك ثقة غربية فعلية بما يصدر عن الرئيس والمقربين منه في ملف الحكومة والاصلاحات ومحاربة الفساد ، كذلك الأمر بالنسبة للسفير السعودي الذي يعي جيدا مكامن الخلل، فالرياض التي لا تتدخل بمفاوضات الحكومة والمبادرات لحل الأزمة اللبنانية المعقدة لن تستعيد حضورها من بعبدا .
وبانتظار ان تتبلور اجواء الحراك الديبلوماسي الاميركي والفرنسي والسعودي، تجري المصادر مقارنة بين سفراء يزورون بعبدا بروتوكليا بناء على طلب رئيس الجمهورية وسفراء ، يزورون بناء على طلبهم ، مقرات رسمية وسياسية كعين التينة وبيت الوسط و حتى حارة حريك للاستماع إلى أفكار الرئيس نبيه بري و الرئيس سعد الحريري و النائب محمد رعد وسواهم، ليقولوا لكل مقام مقال، فالأذى والضعف اللذان أصابا رئاسة الجمهورية مردهما أولا وأخيرا نهج المحيطين به والذين بددوا كل الامال بامكان النجاح في ترك بصمة ايجابية تسجل للعهد.
