يمكن القول إن لبنان قد دخل فعلياً في مرحلة الانهيار الكلي بعد كل ما أصابه ويصيبه يوماً بعد يوم. فلبنان الذي كان قبلة الشرق وبابه نحو الغرب، تحوّل اليوم الى بؤرة فقيرة يتآكلها الفساد، على وقع تموضعه في خانة الثانوية على طاولة المفاوضات والاجندات العالمية والاقليمية على حد سواء.
تميز لبنان في السنوات الماضية باربعة قطاعات شكّلت رافعة لإقتصاده من دون منازع، و هي: المصارف، الطبابة، السياحة والمرفأ. هذه القطاعات باتت اليوم في خبر كان على وقع التأزم السياسي الحاصل والضربات التي نتعرض لها منذ ما قبل تحركات ١٧ تشرين الأول وحتى اليوم.
ولعل اولى القطاعات التي تعرضت لأكبر ضربة في هذه الفترة كان القطاع المصرفي، الذي خسر المصداقية والثقة بعد الخسارات التي مني بها عندما قررت حكومة حسان دياب تأجيل دفع سندات “اليورو بوند”، غير آبهة بما قد يحصل نتيجة هذا الامر. وحتى اليوم وعلى الرغم من كل التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان لم تعد المصارف قادرة على النهوض، ولا حتى على استعادة الثقة المحلية قبل الدولية، لتتحول الى نوع من صرّاف للعملة ومصدراً لليرة اللبنانية، إذ لم يعد أحد قادراً على فتح أي اعتماد، ولم تعد المصارف قادرة أيضاً على تمويل أي مشروع إستثماري، لأن الاموال مفقودة والسيولة “شاحة”، حتى ان الممولين العرب الذين خسروا اموالهم المودعة في المصارف لن يعودوا اليها اليوم.
أما في القطاع الصحي، وكما بات معلوماً، لم يعد لبنان” مستشفى الشرق”، بل بات الاطباء يهجرونه في إتجاه الدول العربية، وتحوّلت المستشفيات اللبنانية الى مركز تصدير للطاقات الطبية والتمريضية الذين باتوا عملة نادرة لا سيما مع أزمة كورونا والانهيار الطبي الكبير الذي اصاب القطاع.
ومن كان بوابة لبنان ومنطقة الشرق الاوسط الاقتصادية الى العالم، ونقصد هنا مرفأ بيروت، تحول الى ركام بعد الانفجار الكارثة في الرابع من آب من العام الماضي.
لبنان والشعب والبلد.. وأمل النهوض قبل الهاوية
إعلان حال طوارىء تمريضية في لبنان وبغض النظر عن الأسباب التي أدت الى هذا الانفجار فهو أتى بالتوقيت الخطأ لا سيما في الوقت الذي كان فيه مرفأ حيفا يستعيد شبابه ونشاطه الاقتصادي ليتحوّل إلى بوابة الشرق بعد توقيع اكبر الدول العربية لمعاهدات السلام مع اسرائيل، وبالتالي لم يعد عنوان”العدو” مظلة لعدم التعامل العربي مع اسرائيل.
ومن هنا لم يعد أمام لبنان سوى السياحة لكي يبنى عليها لضخ fresh dollars في السوق اللبنانية، لا سيما أن لبنان بات بلدا “رخيصا” اذا جاز التعبير نتيجة تدهور سعر صرف عملته مقابل الدولار، والتي ستكون نقطة جذب للسياح وللجالية اللبنانية في فصل الصيف لاعادة انعاش الاقتصاد، اذا ما سمحت اسرائيل بهذا الامر على وقع ارتفاع الحديث والتهديدات بضربة عسكرية يتم التحضير لها ضد “حزب الله” ما سيشكل الضربة القاضية والنهائية للكيان.