تستولد الازمات التي يشهدها لبنان بعضها البعض بحيث لا ينقضي يوم الا ويطل الثاني على ازمة جديدة، فمن تشكيل الحكومة العالق بين بعبدا وبيت الوسط الى سعر صرف الدولار الاميركي المحلق في الاجواء والمنسحب على عمل كافة القطاعات الاقتصادية والمعيشية في البلاد والعتمة التي يبشر بها وزير الطاقة ريمون غجر وسواها من التحركات المطلبية التي تشهدها الساحات وما يرافقها من اقفال للطرقات، وسط هذه الصورة السوداوية أطل وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال محمد فهمي محذرا من التفلت الامني وانكشاف البلد على شتى الاحتمالات.
وفي حين يضع البعض تصريح فهمي في خانة الضغط السياسي من اجل الاسراع في تشكيل الحكومة الا أن اوساطا عليمة تبدي خشية فعلية من التسخين الامني الناجم عن الكثير من الملفات الضاغطة على الساحة اللبنانية سيما وان لبنان ما اعتاد على الحوار سبيلا لحل الازمات التي شهدها على امتداد العقود الخمسة الماضية وتحديدا منذ خمسينات القرن الماضي ، انما لطالما لجأ الى العنف والقتال وسفك الدماء قبل أن يعود بمساع داخلية وعربية – دولية الى الجلوس على الطاولة لايجاد الحل المنشود لمشكلاته على ما تؤشر اليه راهنا الحركة الدبلوماسية الناشطة للمقرات الرسمية والحزبية.
ولعل أبرز المخاوف التي يستند إليها الوزير فهمي على ما تقول أوساط متابعة لـ”المركزية” تتلخص بالآتي:
– الخوف من اقدام اسرائيل على عمل ما لخربطة الستاتيكو الراهن القائم في المنطقة وخصوصا مع الجانب اللبناني ودفعه لما يتلاءم ومرحلة التطبيع التي باشرتها مع دول الخليج.
– تحول الساحة اللبنانية مقرا لكافة اجهزة الاستخبارات العربية والدولية التي تتصارع في ما بينها لتحقيق مصالحها عبر تغذية المشكلات والاوضاع بما يتناسب وأهدافها.
– عودة الخطاب الطائفي والمذهبي الملحوظ عبر وسائل التواصل والشاشات والمنتديات السياسية واستثماره لمآرب شخصية ونفعية ضيقة ولو على حساب المصلحة الوطنية.
– تلقي الاجهزة الامنية اللبنانية تقارير ومعلومات من المخابرات العربية والاجنبية الصديقة تحذر من موجة اغتيالات قد تطال قيادات سياسية ودينية لهز الاستقرار واحداث خرق في الاجواء السياسية المقفلة على الحلول السلمية.
– العودة المتنامية للجماعات المتطرفة والمنظمات التكفيرية وداعش الى البيئات الفقيرة والحاضنة وخصوصا في الارياف حيث تزايدت اعداد العاطلين عن العمل بين صفوف اللبانيين والنازحين.
واخيرا وليس آخرا، الانفجار الذي يطل برأسه من التحركات المطلبية والمعيشية الناجمة عن العوز والجوع ويتم التحضير له بعد انحسار الشتاء بعدما وصل سعر صرف الدولار الى 15 ألف ليرة والتوجه الى رفع الدعم عن المحروقات والعديد من المواد الحياتية والمعيشية التي باتت تنفد من الاسواق والمحال التجارية التي تشهد يوميا تضاربا وإشكالات على سلعة غذائية مدعومة السعر أو بدأت بالنفاد.