كما أن إصرار دوائر القصر على أن هذه الورقة التي تم تسريبها وفيها التشكيلة الحكومية وفقا لمرجعياتها وطوائفها والتي تعطي الفريق البرتقالي الثلث المعطل، قديمة وأنها أرسلت سابقا، فإن ذلك أيضا لم يقنع الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، لأن الحكومتين اللتين شكلهما الحريري في عهد عون كانتا من ثلاثين وزيرا، في حين أن الحكومة المنتظرة ومنذ تكليف الحريري برئاستها تم التوافق على أن تكون من 18 وزيرا، قبل أن تتكشف الرغبة العونية ـ الباسيلية بالحصول على الثلث المعطل والتفتيش عن الصيغ التي من شأنها تلبية تلك الرغبة ومنها 20 و22 وزيرا وهذا ما تضمنته الورقة، ما يؤكد أنها أرسلت بعد اللقاء الـ17 بين الرئيسين عون والحريري وكانت تهدف لاحراج الرئيس المكلف تمهيدا لاخراجه إنطلاقا من رفض مطلق لباسيل بأن يكون الحريري رئيسا للحكومة.
أمام هذا الواقع، كان إستقبال الرئيس عون لسفيريّ فرنسا والسعودية من دون طائل، فالسفيرة آن غريو إستمعت من عون بحسب ما أعلنته دوائر بعبدا بأنه يتمسك بالمبادرة الفرنسية كمشروع إنقاذي في لبنان، في حين أن هذه المبادرة تقول بـ 18 وزيرا إختصاصيا وبرفض حصول أي تيار سياسي على الثلث المعطل، ما يعني بالنسبة للسفيرة غريو “أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب”.
أما السفير وليد البخاري الذي حرص على التأكيد بأنه لبى دعوة رئيس الجمهورية، فحدد معالم السياسة السعودية في لبنان للمرحلة المقبلة، وفي مقدمتها التمسك بـ”اتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي” وفي ذلك رسالة واضحة لكل من يحاول الالتفاف على الطائف أو تجاوزه أو تعديله بالممارسة وإدخال أعراف جديدة عليه أو تحميله ما لا يحتمل أو الافتراء عليه ومن بينهم فريق رئيس الجمهورية نفسه.
وكان لافتا إعلان السفير البخاري أنه أطلع الرئيس عون على المبادرة السعودية للسلام في اليمن، ونقله ترحيبه بها وتمنياته للمملكة النجاح والتوفيق وأمله في أن يعم السلام العالمين العربي والدولي.
وفي الوقت الذي إستهدف تكتل لبنان القوي بيت الوسط بصليات جديدة من الاتهامات وتحميل المسؤوليات، كان رؤساء الحكومات السابقون نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام يشدون على يد الحريري للثبات على المواقف التي من شأنها أن تحمي صلاحيات رئاسة الحكومة وتحافظ على الدستور.
وإذ إبتعد رؤساء الحكومات عن العبارات التصعيدية رحمة باللبنانيين الذين يتقلبون على جمر نار المواقف، حاولوا بما قل ودل إيصال الرسائل السياسية لمن يعنيهم الأمر بأن لا يمكن لأي كان المسّ باتفاق الطائف أو التعدي على الدستور، فضلا عن قطع الطريق على من يريد تطييف الملف الحكومي لاستثماره شعبيا ومحاولة تحقيق مكاسب إضافية على حساب معاناة اللبنانيين.
إذا، تزداد السواتر السياسية إرتفاعا بين المقرات الرئاسية، بانتظار مزيد من الضغط الدولي لتشكيل حكومة تنقذ اللبنانيين الذين يبدو أنهم فقدوا الأمل في أن يكون الحل على أيدي القيادات المحلية.