كتبت” الجمهورية“: في قراءة اقتصادية لما جرى امس، يعتبر الخبراء ان مسألة الارتفاع السريع في أسعار الدولار هي مثل انخفاضه الدراماتيكي، اشارة سيئة تعكس حال الفوضى القائمة في السوق الموازية، والتي قد تتكرّر في شكل دائم، ومن دون الحاجة الى اسباب ومعطيات سياسية أو اقتصادية تبرر هذا التقلّب (volatility)، المدمّر للاقتصاد.
وفي تحليل هذه الظاهرة، لا يمكن الاستناد الى معطيات سياسية لتفسيرها، كأن يُقال انّ زيارة الحريري لقصر بعبدا، واشاعة اجواء غير سلبية، تقف وراء تراجع الدولار الى ما دون الـ 11 الف ليرة. هذه التفسيرات لا تبدو منطقية في الميزان الاقتصادي، وهي تتكرر دائما، وحصلت على سبيل المثال في حزيران 2020 عندما كان سعر الدولار في مطلع هذا الشهر يساوي 4100 ليرة، ووصل في نهاية الشهر نفسه الى 9200 ليرة، بارتفاع 125 % في شهر واحد، من دون وجود اسباب منطقية تبرر هذا الارتفاع.
ويرى الخبراء ان حالات التقلّب الدراماتيكي أخطر ما قد يواجه البلد، لأن المضاربات تقوى، والكوارث تحصل. وعلى سبيل المثال، التجار الذين اشتروا البضائع على سعر دولار وصل الى 15 الف ليرة، كيف سيسعّرون السلع بعد تراجع الدولار الى 10600 ليرة؟
في النتيجة، ما جرى امس لا يدعو الى التفاؤل بمجرد الهبوط السريع للدولار. وهذه الحالات لن يستفيد منها سوى المضاربين الذين يحققون أرباحاً غير شرعية صعوداً ونزولاً ويعمّقون مأساة اللبنانيين، لأن الليرة ستواصل الانهيار طالما لا توجد معالجة حقيقية للأزمة الاقتصادية القائمة، والمرتبطة عضوياً بالمشهد السياسي المغلق.