في ضوء التطوّر الذي سجّل بالأمس على خط بعبدا – بيت الوسط، وحال الترقّب “الحَذِر” التي تسود الأوساط السياسية والشعبية، تتساءل أكثر من جهة سياسية عن المساعي الجارية “الخارجية” التي تُبذَل من أجل تشكيل الحكومة العتيدة، في ضوء الإتصالات والمشاورات التي تجري في أكثر من دولة معنيّة بالملف اللبناني، وذلك في ظل معلومات عن لقاءات تحصل بعيداً عن الإعلام من قبل موفدين لمرجعيات سياسية إلى عواصم غربية، بغية ترتيب زيارات لهم، ونقل رسائل إلى كبار المسؤولين في هذه الدول، وعلى هذه الخلفية، فإن الجميع يترقّب نتائج لقاء الرئيس ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، الذي قد يحصل اليوم في قصر بعبدا، ليُبنى على الشيء مقتضاه على خط تأليف الحكومة.
ولكن السؤال الآخر المطروح، هو عن الطرف الخارجي الذي ساهم في تحريك المياه الحكومية الراكدة، وعن مصير المبادرة الفرنسية التي كان لها وقعها على الساحة اللبنانية، وحيث رسمت خارطة طريق للحل في لبنان، إن من خلال الزيارتين اللتين قام بهما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان، أو عبر موفديه، ومن ثم الزيارة الأخيرة للرئيس المكلّف إلى باريس.
في هذا السياق، تكشف مصادر مواكبة للدور الفرنسي، إلى أن هذه المبادرة لا زالت قائمة، لكنها فقدت زخمها بعدما تنصّل المسؤولون اللبنانيون من تعهّداتهم أمام الرئيس الفرنسي، وبالتالي، ثمة أجواء بأن زيارات مستشاري الرئيس الفرنسي إلى بيروت جُمّدت في هذه المرحلة، والدور الراهن منوط بالسفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو، ويقال من قبل الدوائر الضيقة لمن التقتهم، بأن لقاءاتها لم تحمل جديداً، أو أن هناك تحريكاً للمبادرة الباريسية، بل وضعتهم في أجواء الإستياء الفرنسي، وخصوصاً مواقف وزير الخارجية إيف لودريان، وهي جدّية وقد تليها مواقف أكثر حدّة، وأمور لا يتوقّعها كبار المسؤولين اللبنانيين، وذلك مردّه إلى تواصل فرنسي ـ أميركي ـ عربي، حول الملف اللبناني، ودعم واشنطن والمجتمع الدولي بشكل عام للمبادرة الفرنسية مع آلية جديدة تحمل تشدّداً تجاه كل المسؤولين اللبنانيين على حدّ سواء، كاشفة أن التواصل المباشر الذي كان يقوم به الرئيس ماكرون مع الرؤساء انقطع منذ أسابيع، ويومها كان بصدد إرسال مستشاره باتريك دوريل إلى بيروت، وصَرَفَ النظر بعدما أيقن أن العرقلة لا زالت مستمرة لمبادرته، والأمور ذاهبة باتجاه الفوضى العارمة في لبنان، وأنه يسعى مع نظرائه من واشنطن إلى دول أوروبية أخرى معنية بالوضع اللبناني، لمخرج قد يقي لبنان حروباً قد تندلع فيه على خلفيات سياسية وطائفية واقتصادية واجتماعية.
وتضيف المصادر، أنه، وخلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى باريس منذ فترة، أبدى للرئيس ماكرون كل الدعم للمبادرة التي أُطلقت لخلاص لبنان من أزماته وتشكيل حكومة تُنقذ هذا البلد، على أن تكون للقاهرة مساعٍ واتصالات مع المسؤولين اللبنانيين ودول خليجية وعربية لتسهيل الحل وترجمة المبادرة الفرنسية بكاملها، وعلى هذا الأساس جاءت زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى بيروت وأعقبتها زيارة أخرى لموفد الأمين العام للجامعة العربية السفير حسام زكي، وينقل وفق ما تسرّب في الأيام القليلة الماضية، بأن القاهرة والجامعة العربية، كما باريس، أضحى لديهما مخاوف وقلق من انفجار قريب في لبنان، وترسّخت لديهم القناعة بأن المسألة خطيرة جداً، وتحتاج إلى مؤتمر دولي حول الوضع اللبناني نظراً للعِقَد والإشتباك الإقليمي القائم في المنطقة، ولبنان هو جزء رئيسي منه.
المصدر: فادي عيد – ليبانون ديبايت