ما إن عادت الاحتجاجات الى الشارع، حتى سارعت السلطة السياسية الى اطباق اليد عليها، منعاً لتفجرها الى ثورة جياع في وجه منظومة حاكمة تأبى ان تسمع الى شعبها والى وجعه وجوعه وصوته الصارخ في هذه البرية الغوغاء التي نعيش فيها. فبعد أكثر من عام على انطلاق المضاربة في سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، قررت الدولة ان تضرب “بيد من حديد” لا لوقف انهيار العملة، بل لوقف التطبيقات التي تنشر أسعار الصرف وفق العرض والطلب في السوق، وكأن الأزمة كلها تتلخص تحت عنوان منصات غير شرعية تتحكم في السوق الموازية، والأزمة الاقتصادية الاجتماعية الخانقة التي يرزح تحتها المواطن هي بسبب هذه المنصات.
وفات دولتنا العليّة أنها العلة بحد ذاتها، وأن ما نحن فيه هو نتيجة سياسات مالية خاطئة بدأت في آب 2019، مع اعلان رئيس الحكومة حسان دياب آنذاك تعليق دفع سندات اليوروبوند وصولاً الى استنزاف الاحتياطي على دعم طار بالتهريب الخ… وبالتالي فان السوق الموازية ومن خلفها التطبيقات، وعلى الرغم من خطورتها، لا تتحمل وحدها سبب تدهور العملة بل ان عوامل أخرى ساعدت على الوصول الى هذا الحد ولعل أبرزها وقف تدفق رؤوس الأموال من الخارج، إضافة الى التجاذبات السياسية والفراغ والجمود والمضاربة في السوق الموازية.
وعلى الرغم من اغلاق هذه المنصات الاّ ان سعر صرف الدولار لا يزال يسجل أرقاماً قياسية فهو ارتفاع بحدود الـ1500 ليرة لبنانية في 3 أيام، ومن هنا تؤكد المصادر أن المطلوب اليوم الاسراع في تشكيل الحكومة مع مشروع اصلاحي متكامل يشمل اعادة هيكلة المالية العامة والقطاع العام، والعودة الى طاولة المحادثات مع صندوق النقد الدولي، يؤدي الى توقيع الاتفاق معه على وقع البدء بتطبيق الاصلاحات التي يفرضها صندوق النقد، لكي تبدأ الاموال بالوصول الى لبنان ما يساعد على اعادة تكوين احتياطي المصرف المركزي بالعملات الأجنبية.
المصدر: نايلة المصري – لبنان 24