يتنافس المسؤولون اللبنانيون في ″الندب″، حيث يتناوبون يوميا على المواطنين لابلاغهم بوصولهم الى كوارث جديدة تضاف الى معاناتهم ومآسيهم التي لا تُعد ولا تحصى، والأنكى أنهم يكتفون بـ″الشكي والنعي وببث المزيد من الاحباط واليأس والشؤم، من دون أن يتحملوا مسؤولياتهم في تقديم حلول أو اللجوء الى إجراءات إستثنائية تحول دون مزيد من الغرق في بحر الحرمان الذي يكاد يغمر لبنان.
إستبق رئيس الجمهورية ميشال عون الجميع وأعلن أننا ″ذاهبون الى جهنم″، ومنذ ذلك التصريح ظهر أكثر من متطوع سياسي لقيادة البلاد الى ″بئس المصير″ من دون وازع من ضمير أو رادع من أخلاق..
توقفت الحكومة بعد إستقالتها عن تصريف الأعمال، وهي التي جاءت الى الحكم مستقيلة وكانت شاهدة زور على بداية الانهيار الذي لم تحرك ساكنا تجاهه، أو تعلن حالة طوارئ لمواجهته، بل إكتفى رئيسها حسان دياب بخطابات من نثر وشعر لا تسمن ولا تغني من حلول الى أن تفتقت مواهبه مؤخرا بالتهديد بالاعتكاف.
رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يتعاطى كرئيس للجمهورية ويفاوض من خلال الرئيس الأصلي على تشكيل الحكومة التي يريدها مطية يصل من خلالها الى طموحاته الرئاسية ويعطل بالثلث الخاص به قراراتها ويضغط عبره على الرئيس سعد الحريري، وهو لا يتوانى عن وضع البلاد على كف عفريت بخطاب طائفي عنصري مستفز يهدد كلما تحدث أو صرّح بفتنة أو بحرب أهلية.
أما وزراء حكومة الفشل فحدث ولا حرج..
ـ وزير الصحة حمد حسن يبشر اللبنانيين بالذهاب الى كارثة صحية، في وقت تُرسم فيه ألف علامة إستفهام حول التعاطي الرسمي مع جائحة كورونا منذ بدايتها، وصولا الى اللقاحات التي يبدو أنها دخلت في البازار السياسي.
ـ وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب ينفذ إضرابا ضد حكومته وضد نفسه..
ـ وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي يبشر بتلاشي الأمن وبالفلتان الشامل ما يرفع من منسوب الخوف لدى اللبنانيين على أمنهم وممتلكاتهم، ويمنح اللصوص والخارجين على القانون طمأنينة غير مسبوقة بأن الأرضية باتت صالحة أو جاهزة لتنفيذ عملياتهم.
وزير الطاقة ريمون غجر يبشر اللبنانيين بالوصول الى العتمة الشاملة نهاية شهر آذار، ويتباكى على المرضى الذين سيموتون في المستشفيات من دون كهرباء وعلى الأعمال التي ستتوقف وعلى الانترنت الذي سيغيب، وعلى المواطنين الذين سيمضون لياليهم الحزينة على ضوء الشموع، واللافت أن غجر أطلق هذا الكلام من على منبر أعلى موقع في الدولة اللبنانية حيث أبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون بكل هذه التفاصيل، وقد إستمع الأخير إليه وأنهى إجتماعه معه من دون أن يحرك ساكنا، فربما ثلث الحكومة المعطل وحصوله مع تياره السياسي على الحقائب الأمنية والعدلية وإرضاء جبران أهم من العتمة الشاملة التي يمكن أن تكون تفصيلا أمام المعركة الكبرى للبقاء في المعادلة السياسية.
ـ وزير الاقتصاد يراكم الفشل يوما بعد يوم ويقود اللبنانيين بسلوكه الارتجالي نحو المجاعة الحتمية والتي بدأت بوادرها تظهر بتقاتل المواطنين في السوبرماركات على كيس حليب مدعوم أو غالون زيت أو كيلو سكر ويسقط جرحى على مذبح تأمين لقمة العيش، فيما هو ووزارته ولجانها من الرقابة الى حماية المستهلك في حالة موت سريري.
-وزير المال غازي وزني يقف عاجزا أمام جنون الدولار الذي بلغ أرقاما فلكية، ويبشر اللبنانيين مرارا وتكرارا بالافلاس والفقر..
ـ وزير الاتصالات طلال حواط يحشر نفسه في كل الاجتماعات والقرارات، باستثناء تلك المتعلقة بوزارته التي تفشل في إيصال “أضعف” الانترنت الى طلاب الأونلاين لمتابعة دراستهم، فيما يهتم من جانب آخر بشعبيته إستعدادا للانتخابات النيابية عبر بروباغندا مفضوحة تسيء إليه في هذا الظرف أكثر مما تلمع صورته.
يقول بعض المتابعين: إن لبنان لم ولن يشهد أسوأ من هذه السلطة السياسية، وأن اللبنانيين الذين ثاروا في 17 تشرين وإستوطنوا الساحات والشوارع وقطعوا الطرقات وإقتحموا الوزارات والمؤسسات تعرضوا لشتى أنواع المؤامرات من التنكيل باستخدام القوة الى الزج بالمندسين لافساد التحركات بالمواجهات الأمنية، الى الامعان في إفقارهم وتهجيرهم، وقد بات معظمهم اليوم يتمنى إنهيار البلد بالكامل ربما يصار الى إعادة تركيبه من جديد بدون هذه السلطة وفسادها، لأن وجع ساعة أفضل من وجع كل ساعة.
المصدر: سفير الشمال – غسان ريفي