أمنية المعوّزين، وما أكثرهم، أن ينخفض الدولار، فلا يتعاركوا بعدها على زيت وحليب وسواهما من السلع المدعومة، فهل نعدهم بذلك فور تطبيق قرارات بعبدا وإقفال المنصّات؟ وهل تفلّت سعر الصرف مرتبط بتلك المنصّات دون سواها، وبالتالي هل سيؤدي إقفالها إلى لجم ارتفاعه؟ طالما أنّ الحلّ بإقفالها وضبط مشغّليها المتلاعبين بمصير العملة، لماذا لم يعتمدوه منذ سنة أو أكثر عندما بدأ الدولار مساره التصاعدي؟
بالعودة إلى الوراء قليلًا، نجد أنّهم اتخذوا قرارًا شبيهًا قبل ثمانية أشهر في اجتماع على مستوى الرئاسات الثلاث، وتحديدًا يوم الجمعة في 12 حزيران 2020، خرج بعده الرئيس نبيه ليزّف الإتفاق على تثبيت سعر الصرف، ما قاله حرفيًّا “تخفيض قيمة الدولار إزاء العملة الوطنية بدءًا من اليوم، وهو ما ستظهر نتائجه بدءًا من يوم الإثنين إلى ما دون الـ 4000 ليرة للدولار، وصولًا إلى 3000 أو 3200 ليرة”، في حينه كان الدولار قد وصل إلى 5000 ليرة، فما أشبه اليوم بالأمس!
دور المنصّات محدود
إقفال المنصّات يرفع الدولار أكثر
إقفال المنصّات الإلكترونية، إعتقال الصرّافين غير الشرعيين وسجنهم، إجراء سبق وإن اعتمد في بلدان عدّة منها مصر سوريا العراق وإيران، ولكنّ الدولار كان يرتفع أكثر، وفق الخبير المالي والإقتصادي الدكتور باسم البواب في حديث لـ “لبنان 24”. برأيه هناك تأثير للإشاعات والمنصّات من الناحية النفسيّة، خصوصًا أنّها تستخدم عبارات “الإرتفاع المستمر” أو “بلغ مستويات قياسيّة”، فتخلق خوفًا وطلبًا، كما أنّ عملها غير مهني، بدليل تداول المنصّات برقم 10452 الموازي لمساحة لبنان، بدل 10450 مثلًا، وهو مؤشّر واضح للتلاعب بالسعر خارج أيّ منهج، ولكن هذا التأثير يبقى محدودًا “فلنعتبر أنّه من الآن وصاعدًا لن يكون هناك منصّات، عندها سيخاف الصرّاف من البيع، وسيزداد الطلب على الدولار حتّى من قبل من لا يحتاجه، وسيتحكّم من يملك الدولار من المواطنين بسعره ويفرض أرقامًا معينة بغياب أي ضوابط وأسعار، مما سيخلق حالة من البلبلة والفوضى، والنتيجة ستكون عكسيّة، وسيرتفع السعر أكثر، تمامًا كما حصل في البلدان التي حاولت إقفال المنصّات”.
يجمع الخبراء في مجال الإقتصاد والمال حول التأثير الكبير للعامل السياسي على ارتفاع سعر الصرف، بدوره يعتبر دكتور البواب أنّ تأثير العامل السياسي يفوق العوامل الإقتصادية “فالدولار موجود في السوق المحلي من عدّة مصادر، في وقت انخفضت فاتورة الإستيراد إلى النصف وما دون، والجزء الكبير من الإستيراد مدعوم من مصرف لبنان، ويتراوح بين 6 و7 مليار دولار سنويًّا، وبالتالي فالطلب على الدولار لا يتجاوز 3 مليار دولار سنويًا، وهو مبلغ يتأمّن من تحويلات المغتربين التي لا زالت تسجّل 7 مليار دولار سنويًا ، وهناك أسواق موازية وأموال تدخل نقدًا مع القادمين إلى لبنان، فضلًا عن طرق أخرى غير مشروعة”.
السعر الحقيقي 6000!
الحلول سياسية
بالخلاصة يدرك المعنيّون أنّ وقف المسار الإنحداري نحو الأسوأ، ومن ضمنه ضبط الدولار، لن يكون إلّا من خلال سبيل واحد ” يبدأ بتأليف حكومة كفوئين، تكون مقبولة من الولايات المتحدة والدول الأوروبية والخليجية ومن الشعب اللبناني، تخلق انطباعًا إيجابيًّا، وتطلق مسار الإصلاحات، فتخفض الدولار بين 30 و 40%، فيهبط تلقائيًا إلى حدود 6000، غير ذلك كلّ الحلول ترقيعية ولن تجدي نفعًا”.