اعتبر الوزير السابق غازي العريضي، تعليقاً على الفوضى في توزيع لقاح “كورونا” وإعطائه لعددٍ من النواب في المجلس النيابي، أن الفوضى سمة من سمات المرحلة للأسف، وهي لامست هذا الأمر الحساس والدقيق. البلد ليس فيه سر، وفي الوقت ذاته فيه الكثير من المبالغات. وأقول مبالغات لسبب أنه ثمة عدداً من النواب، وفي أعمار متقدمة أعلم أنهم أخذوا اللقاح في المستشفيات وليس في المجلس النيابي، ووفقاً للمنصة. ثمّ السن يدل على أصحابه، ولذلك يجب وضع الأمور في نصابها الصحيح. اللقاح هو لكل اللبنانيين دون استثناء، وبعد إقرار المنصة يجب احترامها واحترام كل بنودها ومعاييرها، لكن كما نعلم ثمة عدد كبير من الناس جاؤا باللقاح من الخارج لهم، ولأنصارهم، ومحيطهم، بحدود معينة وثمة من يأتي به بصفة شخصية. كان من الأفضل أن يكون هناك تشدد في تطبيق المنصة بعيداً عن الحسابات السياسية، سواء لناحية التراخيص لشخصيات أو قوى سياسية تمنح عبر شركات، أو للشركات المصنفة والتي يحق لها بذلك. وقد شاب ذلك أيضاً أخطاء عدة، عسى أن تنظم الأمور، والأهم هو أن يتوجه الناس لأخذ اللقاح.
وقال العريضي في حديثٍ لـ”صوت كل لبنان”: يجب تحديد معنى كلمة تدويل، وما المقصود بها. وإذا كان المقصود الحركة الدولية القائمة وتعاطي الدول مع لبنان فنحن في قلب هذا التدويل. الملاحظة الوحيدة أن هذه الحركة الدولية لم تصل بعد من قبل أصحابها إلى نقاط تلاقٍ ليجتمعوا حول صيغةٍ ما أو اتفاقٍ ما، أو مشروعٍ ما، يأتي باللبنانين إلى طاولة ويقدم لهم. واليوم إذا أخذنا الولايات المتحدة الأميركية فهي متابعة ومتدخلة، وإذا أخذنا فرنسا فهي صاحبة مبادرة ومتابعة لأدق التفاصيل وصولاً إلى الوقوف على أسماء الوزراء المقترحين للحكومة، وقنوات الاتصال مفتوحة علناً مع القوى السياسية اللبنانية برموزها المختلفة بدءاً من رئيس الجمهورية إلى آخر شخص معني بهذه العملية. وإذا نظرنا إلى الألماني، أو السويسري، أو الى الإنجليزي، أو إلى الاتحاد الأوروبي مجتمعاً لوجدنا أن هذا التعاطي والتواصل، وهذا التدخل والتداخل، قائم.
وأضاف: إذا نظرنا إلى المنطقة هنا، فإيران في قلب هذه العملية بشكل مباشر وغير مباشر. وإيران بتواصلها مع قوى دولية كبرى مثل روسيا وغيرها تتناول الشأن اللبناني بأدق التفاصيل وصولاً إلى إبداء الرأي بالثلث المعطل مع أو ضد. وإذا ذهبنا إلى الدول العربية فكلها متابعة وكلها متدخلة بطريقة أو بأخرى، وتركيا أيضاً. وفي المنطقة إسرائيل ترصد وتتابع وتدخل على الخطوط باتجاهات مختلفة محاولةً الاستفادة مما يجري. فإذا قرأنا هذا المشهد بهذا الشكل لوجدنا أنه ثمة تواصلاً ومتابعةً وتدخلاً دولياً لكل ما يجري في لبنان. فهذه الحركة المتعددة الاتجاهات والخلفيات والأهداف لم يصل أصحابها إلى نقطة تلاقٍ معينة يمكن من خلالها إنتاج برنامج ما، لذلك هذا هو التدويل. أما الحديث عن التدويل بمعنى صدور قرارات دولية جديدة، فأنا أستبعد ذلك تماماً.
وتابع بالقول: “البطريرك بشارة الراعي عندما أشار إلى هذه المسألة، وسبق وقلتها في بكركي، وأعتقد أن ما قلته كان دقيقاً وواضحاً ومعبّراً عن حقيقة ما يجري، والدليل أن غبطة البطريرك قال كلاماً في اليوم التالي من الزيارة كان في منتهى الوضوح، ولمن يريد أن يقرأ وأن يسمع، ولمن يريد أن يتابع، أن يقف على الحقيقة لا أن يذهب إلى الانفعالات والتحليلات المسبقة والاتهامات والتخوين، عليه أن يقرأ ما قاله البطريرك أمام فئاتٍ مناصرة وليس الخصوم فقط، فالبطريرك قال: نحن لأننا فشلنا في التواصل بين بعضنا البعض نريد مساعدة الدول لجمعنا. وأكّد على أن أي لقاء ينطلق من وثيقة الوفاق الوطني يريد أن يسعى إلى تطبيق الدستور، فبالتالي كل هذه المخاوف ليست تابعة إلى فريق. داعياً للتحاور مع البطريرك الراعي في تفاصيل صرخته بدل اللجوء الى التخوين”.
وأضاف: “رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، أكد في حواره مع لقاء سيدة الجبل على الاستراتيجية الدفاعية، وترسيم الحدود مع سوريا والسلاح الفلسطيني خارج المخيمات. وهذه المسائل تعني ما تم الاتفاق عليه بالإجماع على طاولة الحوار في آذار عام 2006، بإدارة الرئيس نبيه بري في المجلس النيابي، وبالتالي كلمة “تدويل” كبيرة جداً لكن مضمونها محدد فيما يخص من أطلق هذه الفكرة، أو هذه المبادرة، أي غبطة البطريرك بشارة الراعي ، ونحن في هذا المعنى لا نرى مشكلة في هذا الأمر لأنه لا يخرج عن إطار ما اتفق عليه اللبنانيون سواء على طاولة الحوار، أو وثيقة الوفاق الوطني واحترام الدستور”.
وأشار العريضي إلى أنه في الموضوع الحكومي وربطاً بالواقع الاقتصادي الاجتماعي المالي الخطير المتدهور، هل يمكن أن نستمر في مشاهدة لبنان ينهار بهذا الشكل ولا نستطيع أن ننتج حكومة ونصل إلى تفاهم أو تسوية مع بعضنا البعض حول هذا الموضوع؟ ولو وصلنا إلى إتفاق لما كانت هناك دعوة إلى مساعدتنا من قبل الدول المعنية. وهل هناك عاقل في البلد يقول أن ثمة مؤتمراً دولياً يمكن أن يؤدي إلى قرارات استثنائية في لبنان فيما يخص إرسال جيوش، والحديث عن فصل سابع أو وصاية دولية؟؟ والمشكلة هي أننا لا نتفق على شيء في لبنان، فالهيئة الناظمة للكهرباء حتى الأن لم يصدر القرار بها، وكانوا عندما أقرت أقاموا حفلات وفولكلورات متنقلة هنا وهناك بأنهم أحرزوا إنجازاً وهي لم ترَ النور بعد، ولم تبدأ عملها وهذا مثل بسيط”.
وقال العريضي: “فيما يخص الثلث المعطل، قالها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، إنهم ليسوا مع الثلث المعطل. وعندما اقترحت هذه الصيغة على التيار الوطني الحر “البعض” رفضها، وهذا بعد كلام السيد نصرالله لأنهم قالوا نريد ثلثاً معطلاً صافياً”.
ورداً على سؤال حول اقتراح زيادة عدد الوزراء؟؟ قال: السؤال هو: هل ثمة حكومة؟؟ عندما نصل إليها نعلق عليها. لكن في الشهرين الأولين كان ثمة تأكيد على الالتزام بحكومة 18 بالكامل. ولنفترض أن الحكومة كانت ستولد في الشهرين المذكورين، ماذا كان سيفعل هذا الفريق؟ هل كان سيقبل ويؤكد التزامه بحكومة 18، أم أنه كان يخبئ لغماً ليضعه أمام الرئيس المكلف في لحظة معيّنة، فماذا تغيّر حتى تثار هذه المسألة؟
وأضاف: لا يحاولنَّ أحدٌ أخذ المشكلة إلى مكان آخر، فالمشكلة هي لدى الفريق الذي لا يريد تشكيل حكومة إلا بشروطه. لافتاً إلى أن مسألة الثلث المعطل وصلت إلى موسكو وباريس وغيرها من العواصم، ولم تبق فقط في زواريب بيروت، أو أروقة وكواليس السياسة اللبنانية.
وكرر العريضي موقفه من أن رئيس الجمهورية لا يريد سعد الحريري رئيساً للحكومة، مؤكداً أن هذا الكلام قاله عون أكثر من مرة أمام المقربين منه وطرحت اسئلة حول كيفية سحب التكليف.
ولفت إلى أنه يتم استحضار المعيار الواحد غب الطلب، والدستور غب الطلب، وشعارات حول الميثاقية غب الطلب، وما جرى من أربع سنوات كان إتفاق مصالح، ولم أتحدث يوماً عن تسوية سياسية. فهل راعى اتفاق المصالح المعيار الواحد والدستور؟
وأضاف: “كلام رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط مبني على مقرارات الحوار في 2006″ .
وتعليقاً على خوف حزب الله من الذهاب الى المطالبة بتطبيق الـ 1559 وصولاً الى نزع سلاحه، قال العريضي ان رئيس الحزب وليد جنبلاط اكد انه لا يتحدث عن القرار 1559 بل عن مقررات الحوار عام 2006 والتي كان اجماع حولها ومنها القرار المتعلق بضرورة اقرار استراتيجية دفاعية وقد كان السيد نصرالله شخصيا على طاولة الحوار. ونحن كنا أول فريق قدم مشروعاً متكاملاً حول رؤيتنا للاستراتيجية الدفاعية، وهذه الرؤية كما وردت منطلقة من أن إسرائيل عدو ويجب امتلاك عناصر القوة لمواجهة أي عدوان محتمل من قبلها ضد لبنان. الموقف اليوم من طرح البطريرك ليس عملية نزع سلاح او التفاف عليه نحن ذهبنا لنؤكد على ما أجمعنا عليه كلبنانيين، وإذا كان ثمة من يريد أو أراد الخروج نهائياً من هذا الأمر هذا شأنه، لكنه لا يستطيع أن يخرج ويضعنا أو يضع أي طرف لبناني آخر في خانة الاتهام، أو في خانة التخوين. متسائلاً: ” لماذا لم يبادر رئيس الجمهورية ميشال عون حتى الآن بالدعوة إلى طاولة حوار لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية بهدف خلق مناخ في لبنان لمناقشة القضايا الأساسية وهو كان قد التزم بذلك ؟؟
وشدد العريضي على أن هناك حركة دولية، ولكن ليس ثمة اتفاق، أو تلاق دولي حتى الآن. ولنفترض، وبأسوأ الاحتمالات، أو أحلى التمنيات بالنسبة الى البعض، أننا وصلنا إلى الامم المتحدة، هل البطريرك يصوت في مجلس الأمن، أو نحن، أو أي طرف لبناني يصوّت في مجلس الأمن؟؟ ثمة قوى لا يمكن أن تذهب بهذا المذهب. ولو كان ثمة توافق أو تلاق لكانت المسألة بسيطة، لافتاً إلى أن الصراع هذا سيبقى، والتنافس سيبقى، وستبقى هذه الخلافات الدولية قائمة حتى يصلوا إلى اتفاق، والمنطقة كلها اليوم ليست على جدول الأولويات. لكن هل هذا يُسقط حق الناس بالدعوة إلى التلاقي لتشكيل حكومة؟ فلنعتبر أننا امام ضرورة حوار وتواصل بين اللبنانيين حول هذه المسائل، ولا بد من مناقشة هذه القضايا، وعندما لا نناقش الأمور وعندما يكون الفراغ هو سيد الساحة السياسية، حيث ليس هناك تواصل ولا نقاش ولا أفكار، فهل يعقل أن نسمع الآن في وسائل الإعلام، وأن نسمع أكثر وأكثر وأخطر في الكواليس السياسية، كلاماً عن الفراغ المقبل بعد سنتين إلّا شهر أو شهرين مع الانتخابات الرئاسية، وربما على صعيد المجلس النيابي، كما يحلو للبعض أن يفكر؟؟ هل معقول أن تكون حساباتنا على أساس أننا ذاهبون إلى الفراغ ؟؟ فهذا الفشل والفراغ الداخلي يؤديان إلى طرح مثل هذه الأسئلة والأفكار.
واعتبر العريضي أن المسؤولية بالدرجة الأولى لبنانية . هل نرمي كل المسؤولية على الآخرين، وهل نستقيل من تحمّل مسؤولياتنا في معرفة كيفية التعاطي مع هذه التطورات والتغيرات الدولية؟؟ أحياناً كثيرة يذهب البعض إلى تحليلات التمنيات، ويرى نفسه ممسكاً بالقرار الدولي وكأن أميركا بتصرفه أو كأن هذه الدولة أو تلك بتصرفه، فلن نحصد إلا الخيبات والصدمات. لعبة الدول بين بعضها البعض تبحث عن مصالحها، ولو أحسنّا إدارة شؤوننا الداخلية لما وصلنا إلى ما نحن عليه.
وتطرق العريضي إلى كلام قداسة الحبر الأعظم بالقول: “ماذا ننتظر من بابا الفاتيكان أن يقول عن لبنان ؟؟ هو مؤتمن على الوجود المسيحي في العالم بالدرجة الأولى. لكن هل هو الذي يدير الشؤون السياسية في هذه الدولة أو تلك؟؟ ذهب البعض إلى استغلال كلامه وكأنه الرئيس الفخري لتيارٍ سياسي ما، وتجاوز هذا البعض أن البابا الحالي ذهب إلى المغرب وإلى الإمارات العربية المتحدة، ووقع وثيقة الأخوة والإنسانية مع الأزهر، وسوف يزور العراق بعد أيام وسيلتقى المرجع الأعلى السيد علي السيستاني . وجهته أوسع وفكره أوسع وقراءته أوسع. وانطلاقاً من هذه السعة وهذا الإطلاع الكبير يحاول من خلالها حماية الوجود المسيحي.
وتعليقاً على كلام الوزير السابق بيار رفول عن انتصار محور الممانعة، قال العريضي: باسم من يتحدث، باسم فريق، أو باسم رئيس الجمهورية ؟؟ هذه الطريقة من التعاطي “إننا انتصرنا بقوة ايران وعليكم أن تقبلوا” ، وهم غارقون حتى في بيئتهم .هذا الكلام أسقط كل المعايير الواحدة التي ينادي بها فريقه السياسي والشعارات المزعومة حول الشراكة في لبنان الكبير.
المصدر: ch23