في بلد بات شعبه مثل قطعان الأغنام والماعز والبقر… التي يتمّ ترقيمها، لأسباب مختلفة، وهو ما يظهر في التنقُّل بين عمليات عدّ الشعب اللبناني على أساس الإصابات والوفيات اليومية بفيروس “كوفيد – 19″، وإجراء فحوص PCR، كما على أساس النِّسَب اليومية لتلقّي اللّقاحات، والأعداد التي يتوجّب أن تصل إليها عمليات التلقيح، لا نزال نسأل عن المستقبل والمصير.
فهذه الحالة، وإن كانت عالمية في بعض مضامينها، إلا أنه أُضيفَت إليها نكهات التوابل اللبنانية المُعتادة، من ضجيج “تلقيحي” نيابي ورسمي، وهو ملفّ يتّجه الى أن يصطفّ الى جانب ملفات كثيرة غيره، تتطلّب إجراء تحقيقات في شأنها، ولكن طبعاً “بالدّور” الذي ينتهي قبل أن يبدأ.
فما اصطُلِحَ على تسميته بفضيحة اللّقاحات، بات “شريكاً قضائياً مُضارِباً” لانفجار مرفأ بيروت، ولجرائم القتل الغامضة والمتعدّدة، وللسرقات، ولعمليات إطلاق النّار المتكرّرة من حين الى آخر، ولفضائح البضائع الفاسدة، ولمصائب الإحتكار والمضاربة والتزوير و… و… و… وغيرها من الملفات التي تنتظر دورها، في عوالم الحقيقة الضّائعة والمفقودة، والمنسيّة.
ووسط هذه الفوضى، يبقى الأمل ببكركي، وبمستقبل حراكها المحلي والدولي، الذي يتطلّب الكثير من “الحَلْب” الداخلي السيادي “الصّافي” معه، وفي شكل متصاعِد لا يتهاون، انطلاقاً من أنه قارب نجاة حقيقي للبنان مستقبلاً. فالولايات المتحدة الأميركية وإيران قد تتّفقان بالفعل، ولكن قد يحوي اتّفاقهما ما لا يناسب السيادة اللبنانية، وهو ما يُثبّت الحاجة الى جبهة لبنانية، عابرة للمناطق والطوائف، تقول لا، لأي شقّ لبناني لا يُوافِق السيادة اللبنانية، على الطاولة الأميركية – الإيرانية.
دعا مصدر مُطَّلِع الى “العمل على الخروج بنجاح كبير من الحَراك الشعبي باتّجاه بكركي غداً، قبل التفكير بما يُمكن البدء بالعمل عليه في وقت لاحق”.
وشدّد في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” على “ضرورة توفير وضعية شعبية وسياسية قوية للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، تثبّت أي تحرّك لبكركي على المسرح الوطني، وتمكّنه من أن يكون مستداماً وفاعلاً في المستقبل”.
ورأى المصدر أن “جهة تقول للموارنة تعالوا نذهب الى إيران، وبوضوح، وذلك بعدما قالت جهة أخرى لهم، وللشعب اللبناني عموماً، تعالوا نذهب الى التدويل. وبالتالي، لا بدّ من دعم حركة البطريرك الراعي، وتأمين فُرَص نجاحها”.
ولفت الى أن “الحركة التصاعُدية لبكركي بعد يوم غد، مرهونة بنقاط عدّة، أهمّها:
*النَّفَس الطويل للبطريرك الراعي
*مدى مساعدة الفاتيكان الكنيسة المارونية، من خلال فتح أبواب دوائر القرار الخارجي أمامها
*الإحتضان الوطني العام، لا المسيحي فقط، للبطريرك الراعي، لأن الدّعم المسيحي حصراً سيجعل العمل مثل من يُطلِق النّار بواسطة المقلاة. فيما الإلتفاف الإسلامي حول بكركي يسهّل العمل على إنقاذ لبنان من السلاح غير الشرعي”.
وردّاً على سؤال حول أهميّة وجود جبهة داخلية قوية، تقول لا، لأي شقّ لبناني في الإتّفاق الأميركي – الإيراني، قد يتعارض مع السيادة اللبنانية، أجاب المصدر:”التسوية الأميركية – الإيرانية الكبرى لن تسلّم لبنان الى “حزب الله”، بل يمكن أن تكون نتائجها مُعاكِسَة لذلك تماماً”.
وختم:”مهما كانت طُرُق التعاطي الأميركي مع إيران مُقلِقَة في الظّاهر، وحتى إذا ذهبنا في فرضيّة حصول انقلاب أو مؤامرة على اللبنانيين، يبقى دور الكنيسة المارونيّة أساسياً في الدفاع عن لبنان. وهذا ما يجب تركيز العمل عليه”.
المصدر: أخبار اليوم