منذ أسابيع تقريبا، وعلى خلفية تعثر عملية تأليف الحكومة، اتخذت مواقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط نبرة جديدة، أكثر حدة وصلابة، تجاه حزب الله. الزعيم الدرزي كان اعتمد حتى الامس القريب سياسة ربط نزاع واضحة المعالم مع الضاحية، لامست حد الهدنة الشاملة. فغاب اي انتقاد من قبل جنبلاط او فريقه، ضد الحزب، باستثناء بعض الملاحظات التقنية في عدد من الملفات اليومية المعيشية. غير انه، ومنذ شهر ونيّف، وبحسب ما تقول مصادر سياسية مطلعة لـ”المركزية، تبدّل واقع التهدئة هذا، وعاودت المختارة القنص على حزب الله معتبرا انه يريد الامساك بالبلد وبقراره ووضعه تحت تصرّف الجمهورية الاسلامية الايرانية، داعيا الرئيس المكلف سعد الحريري الى ترك المركب وتسليم إمرة قيادته الى الحزب وحليفيه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر، منفردين، وليتحمّلوا وحدهم مسؤولية الغرق المحتّم للسفينة اللبنانية المشلّعة التي تتلاطمها أمواجُ الازمات المالية والاقتصادية والمعيشية والصحية والرياحُ الاقليمية.
ومع ان الرجل عاد وتراجع عن دعوته هذه للحريري، معلنا اثر 14 شباط، دعمه الكامل لزعيم “المستقبل” في كل خياراته وتوجهاته الحكومية، الا انه حافظ على اللهجة القاسية عينها تجاه حزب الله، لا بل رفعها أكثر، بعد ان رأى هجمة مَن يدورون في فلك الضاحية على البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي منذ ايام، وعلى طرح بكركي تحييد لبنان عن الصراعات الخارجية والذهاب نحو مؤتمر دولي يبحث الوضع اللبناني لمحاولة إنقاذه، وقد بلغت هذه الحملة حد تخوينه واتهامه ببيع الوطن والسيادة ورهنه للخارج، وقد لوّح الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بحرب اهلية في حال تم السير بهذا الاقتراح. وهنا، بدت لافتة الزيارة التي قام بها امس الوزير السابق غازي العريضي الى الصرح البطريركي داعما سيّده، قبل ان يخرج من اللقاء ليردّ على نصرالله، سائلا: هل سمع أحد البطريرك يتحدث عن الفصل السابع؟ المؤتمر الدولي الهدف منه تلاقي دول على دعم لبنان كما حصل في أكثر من مؤتمر من سان كلو إلى الطائف وغيرهما.
وعشية الزيارة هذه، بدا لافتا ايضا، التواصل الذي حصل بين سيد المختارة ووفد من لقاء سيدة الجبل، الشبيه الى حد كبير بلقاء قرنة شهوان. هذا في الشكل. اما في المضمون، فذكّر جنبلاط خلاله بمقررات الحوار الوطني الذي انعقد في 2 آذار 2006 والتي تم التوصل اليها بالإجماع آنذاك ومنها المحكمة الدولية وتحديد الحدود اللبنانية- السورية وترسيمها ومسألة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات. واعتبر ان تلك القرارات تصح لأن تشكل ركيزة هامة لمعالجة عدد من القضايا التي لا تزال عالقة وتؤثر على الواقع الداخلي اللبناني. وجدد جنبلاط رفضه للطروحات المتتالية المتعلقة بالمؤتمر التأسيسي معتبراً أنها تهدف لإسقاط اتفاق الطائف وصيغة المناصفة التي أرساها تمهيداً لاستبدالها بالمثالثة، مجدداً تمسكه بـ”الطائف” بكل مندرجاته التي لم تطبق جميعها لا سيما منها الغاء الطائفية السياسية وتطوير النظام السياسي اللبناني ليحقق المساواة المفقودة بين المواطنين.
واذ تشير الى ان جنبلاط معروف بـ”أنفه” وأنتيناته السياسية التي لا تخطئ، تسأل المصادر ما اذا كانت انعطافته الجديدة وقوامُها “التصعيد ضد الحزب والشبك مع بكركي وطروحاتها”، تأتي لاستشعاره بأن ثمة تغييرا كبيرا قادما الى بيروت، كذاك الذي حصل عام 2005 وتمثل بالانسحاب السوري، لا بد من مواكبته بلقاء شبيه بلقاء البريستول؟ لننتظر ونر..
المصدر: المركزية