المصدر: International Scopes – سكوبات عالمية | شادي هيلانة
بكركي الحالية اليوم قد لا تكون في النيّات، بل في الأفعال، إذ إن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي انطلق من واجهة الافكار الوطنية والمسيحية العامة، التي تعيد استجلاب المسيحيين حولها، في زمن الغبن الذي سببته الاحزاب المسيحية في اوجّ صراعاتها على السلطة بحجة حقوق المسيحيين، وبالتحديد القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر.
خطا البطريرك الراعي انطلاقة في إطلاقه شعارات كبيرة، ودعا بطريقة غير مباشرة الموارنة خصوصاً والمسيحيين عموماً الى التجمع حولها وتبنّيها، لتصبح بكركي على رأس اللاعبين وفوق الجميع، وجدت نفسها رأس حربة لخلاص اللبنانيين والصوت الصارخ اقليمياً ودولياً في وجه الدويلة والقوى المهيمنة على الواقع اللبناني.
معادلة 70 و 75 بالمئة في تمثيل المسيحيين اصبحت هوساً لدى العونيين، الذين كانوا يمتلكونها ضمنياً، وذلك بعد عودة العماد ميشال عون من المنفى، ففي انتخابات عام 2005، وقّع “اتفاق مار مخايل” مع حزب الله، متعهداً بالدفاع عن سلاحه وتأمين الغطاء المسيحي اللازم لشرعنته، رغم أنه لطالما وقف ضد الميليشيات إلى جانب الشرعية في الماضي.
كان هناك أملٌ لدى فئة كبيرة من المسيحين، أن الجنرال في حال استلامه مقاليد الرئاسة، سيضرب بيد من حديد كل فساد وكل من يقف عائقاً أمام بناء الدولة واستعادة الحقوق.
فوجدوا أنفسهم في مأزق. أولاً، لأن الجنرال عون لم يعد الرجل الحديدي الذي عرفوه أيام الثمانينيات وأيام المنفى، وليس ذلك الرجل القوي القادر على وضع الجميع عند حدهم وإجبارهم على الانصياع لإرادته. وثانياً، لم يحقق أياً من الوعود التي قطعها، فجّل ما حققه هو حصوله على منصب لأحد أفراد العائلة، او تعطيل البلد سنتين ونصف لأجل كرسي الرئاسة.
ولم تعد الوزارة او رئاسة التيار تكفي صهره النائب جبران باسيل، فالعين اليوم شاخصة على بعبدا ووراثة العهد ..لكن ماذا عن حقوق المسيحيين!؟
القوات اللبنانية صفر
أثمر اتفاق معراب رئاسياً وصول عون الى رئاسة الجمهورية، لكنه اصيب بعطب أساسي عندما لم يترجم شراكة بين طرفيه في العهد الجديد.
على الرغم من ان القوات خرجت من انتخابات 2018 بانتصار واضح وكانت أكثر من استفاد من القانون الجديد الذي أنصفها وكشف حجمها الشعبي. لكن الاختلال وقع، سببه السقوط المبكر لاتفاق معراب والانهيار السريع في العلاقة بين رئيس القوات سمير جعجع ورئيس التيار جبران باسيل، وصراعهما الجامح على كرسي بعبدا، الذي أضّر بالمسيحيين.. فأين حقوقهم !؟
الكتائب جنود بكركي
تسلّم رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميل المقاليد والمسؤوليات في مرحلة دقيقة حافلة بالصراعات والتحديات، اول ما فعله هذا الشاب “المتمرد”، انه اظهر استقلالية في الموقف والقرار واراد ان يبرهن انه غير مقيّد بإرتباطات وإلتزامات، كما أخذ مسافة من الطبقة السياسية الحاكمة ليقترب من المجتمع المدني والناس ويحاكي همومهم وتطلّعاتهم ويحكي لغتهم .
هذا الشاب، سامي الجميل العازف المنفرد منسجم مع ذاته ومرتاح لما يفعله ومقتنع به.
يبتعد بالكتائب عن “مساحيق التجميل”، ليؤكد المشكلة في مكان آخر، ويقولها بالفمّ الملآن : لا أصدقاء لحزب الله في العالم، ليعتمد عليهم في حل أزمة الوضع المالي، وعليه فإن الحكومة المرتقبة لن تحصل على أي مساعدة في ظل هذه المعادلة.
تشبه صيحات الكتائب الى حدٍّ كبير، هواجس بكركي وعظاتها وطروحاتها، من الحياد وصولاً الى وقف مهزلة السلاح، ومقاربة الوضع في الداخل اللبناني بإنقساماته الداخلية الحادّة، وان لا حلّ جذري الّا بتبني المجتمع الدولي للأزمة اللبنانية، في ظل الاستقواء والتخاطب والاستعلاء، وفقدان مكونات التحاور مع فئة قوة السلاح، هو الذي استقال مع وزرائه ونوابه رافضاً نظام المحاصصة والفساد، نحو بناء الدولة القادرة والعادلة.