لعل الظرف الراهن من أشد المحن على لبنان، صراع على السلطة يسكب زيتا على نار المناكفات السياسية والسجالات فيما القعر ينتظر مطلق بارقة امل تقيه نار “جهنم“.
رغم الحدة التي طبعت كلمة الرئيس الحريري في ذكرى استشهاد والده، لا يمكن الاعتبار انه اوصد الباب نهائيا امام إيجاد حل يفضي إلى تشكيل الحكومة. فالحريري حاول حصر التفاوض عند رئيس الجمهورية وتحديد السقف المتاح بما لا يتجاوز شروط الخارج. اما مصلحة عون فلا تتعارض مع وجهة النظر الحريري فقط بل تتنافى اصلا مع ترؤس الحريري الحكومة دون نفوذ جبران باسيل .
ولا يخفي فريق العهد رغبته بسحب التكليف من الحريري، دون القدرة على ذلك دستوريا ، لذلك أتى موقف الرئيس نبيه بري في سياق التصدي لهذه الطروحات ، فيما لاقاه الحريري بالأمس عبر السؤال “مما يخاف ويطالب بالثلث في ظل وجود رئيس الجمهورية و المجلس النيابي“.
المطلب العوني بازاحة الحريري اصطدم بالحلفاء قبل الخصوم ، ما جعل عزلة جبران باسيل تنسحب على الداخل بعد عقوبات الخارج ، فما كان منه إلا استحضار إتفاق مار مخايل مع حزب الله كما استنفار العصب الطائفي تحت عنوان “الدفاع عن حقوق المسيحيين” وفق مقاربة للواقع الراهن لا تخلو من أنانية مقيتة .
لذلك، عمد الحريري الى تحديد شكل الحكومة دون الاستعداد للتعديل ، وتعمد أيضا التذكير بالتنازلات التي قدمها لفريق عون عند إنجاز التسوية الرئاسية وفق قاعدة “اعطيتكم كل شيء وحان دوركم لتقديم تنازلات“.
انطلاقا من ذلك، الافق مسدود على إيجاد حلول بين أطراف الداخل ، فالحريري، مدعوما من الخارج، لن يتراجع عم مطلب تشكيل حكومة لا تضم حزبيين، بمقابل عناد موصوف لعون، يضاف اليه عدم الاستعداد للتراجع مخافة خسارة السلطة تدريجيا ، فيما يقف حزب الله بين الطرفين ممسكا العصا من الوسط.
في ضوء ذلك، قد تدخل عوامل خارجية تفرض حلولا تخرج الوضع من شرنقة الصراع القائم على التقاسم والمحاصصة، خصوصا في ظل اجواء دولية تستشعر ضرورة التحرك قبيل وقوع لبنان في حالة من الفوضى الشاملة ، وما يزيد من هذه المؤشرات ارتفاع وتيرة الاتصالات الفرنسية مع الولايات المتحدة الاميركية ودول الخليج.
المصدر : لبنان24