الدكتور روك-انطوان مهنّا الخبير في الشؤون الإقتصادية ومستشار سابق في البنك الدولي لفت في حديث لـ “لبنان 24″ إلى” أنّ مصرف لبنان كان قد مدّد المهل أمام المصارف لزيادة رأس المال أكثر من مرّة، في 4 تشرين الثاني 2019، أصدر تعميمًا حمل الرقم 532، طلب بموجبه من المصارف زيادة رساميلها بنسبة 10% في مُهلة حدّها الأقصى 31 كانون الأول 2019، وبنسبة 10% إضافية في مُهلة حدّها الأقصى 30 حزيران 2020، عدد محدود من المصارف إلتزم بمندرجات التعميم، تسامح المركزي ومدّد المهلة بموجب تعاميم جديدة لنهاية شباط الحالي، لزيادة رأس المال وإعادة تكوين السيولة الخارجيّة للمصارف بما لا يقلّ عن 3% بموجب التعميم 154، وصوّب الخلل السابق مشترطًا أن تكون الأموال طازجة من مصادر خارجية، ولكنّه ترك فجوة احتساب قيمة العقارات من ضمن رأس المال، وفي ذلك خطأ فادح، كونه لا يحقّق هدف تأمين سيولة نقديّة من الخارج.
يوضح مهنّا أنّ ذلك يتم ّمن خلال عدّة خيارات، ضخ أموال خارجية fresh money من قبل مساهمين، بيع أصول خارجية لها كفروع في الخارج، وبحسب مصرف الإستثمار الأميركي Morgan Stanley ، بلغت قيمة الأصول الخارجية للقطاع المصرفي اللبناني 17.5 مليار دولار، من هنا لجأت بعض المصارف في الآونة الأخيرة إلى هذا الخيار، على سبيل المثال باع بلوم بنك فروعه في مصر لصالح بنك ABC البحريني بقيمة 480 مليون دولار، كما باع بنك عودة فروعه في مصر لبنك أبو ظبي الوطني.
أيام تفصلنا عن نهاية شباط وهي المهلة الواردة بتعميم المركزي، عدد قليل من المصارف استجاب لتعميم المركزي، ك”عودة” و “لبنان والمهجر”، مقابل عدد لا يستهان به لم يلتزم زيادة الرساميل بنسبة 20%. وفق مقاربة مهنّا لا يجب أن يمدّد مصرف لبنان المهل من جديد “لا سيّما أنّ معظم المصارف استباحت غياب قانون الكابيتال كونترول لتهريب أموال المساهمين وPEPs أي الأشخاص المكشوفين أو المعرضين سياسيًّا، وتستمر بذلك حتّى هذه اللحظة، كما تمادت ،بغياب أيّ ضوابط قانونية ،في معاملة الزبائن باستنسابية من خلال إقفال حساباتهم وإجبارهم على تجميد شيكاتهم لمدّة زمنية قبل الاستفادة منها”.
سلامة كان قدّ أعلن سابقًا أنّ المركزي سيضع يده على المصارف التي تفشل في الإمتثال لمتطلّبات إعادة الرسملة.في الوضع الراهن يشكّك مهنّا بقدرة مصرف لبنان بشخص الحاكم على إلزام المصارف “كون سلامة يواجه ضغوطًا عدّة، منها الدعوى المقامة ضدّه في سويسرا، بصرف النظر عما إذا كانت موجّهة من قبل فريق سياسي من ضمن هجوم ممنهج لجعله كبش محرقة”.
يرى مهنّا أنّه لا بدّ إعادة هيكلة القطاع المصرفي ضمن خطّة متكاملة اقتصادية مالية، في إطار برنامج متفق عليه مع صندوق النقد الدولي. بحيث يتمّ توحيد سعر الصرف، وتجزئة الودائع، بالتزامن إنشاء صندوق سيادي لاستثمار أصول الدولة، من أجل دعم الفجوة والخسارة الحاصلة. عندها يمكن للمودع أن يسحب جزءًا من أمواله بنسب معينة، في الوقت الفاصل عن الخطّة المتكاملة على المركزي تطبيق مندرجات تعاميمه، وعلى المصارف إصلاح قطاعها.
بالمحصّلة مهلة شباط لن تطمئن اللبنانيين حيال مصير ودائعهم، بظل التخبّط الحاصل في القطاع المصرفي، الذي خان الأمانة وأقرض تحويشة العمر لدولة يدرك جيدًا كيفية إنفاقها للأموال، والـ 43 مليار للكهرباء أبرز دليل، منذ ذاك الحين تتذرّع المصارف بانكشافها على الديون السيادية، فيما تتجاهل السلطة وجوب إقرار الكابيتال كونترول “يمكن لأنّو دافنينوا سوا”.