خاص سكوبات عالمية | محمد ناصرالدين.
لا يُفَوِّت المجتمع اللبناني فرصة ليستعرض حماقات و سذاجة و غباء بعضه. ففيروس ” كورونا المستجد” يُعَوِّل بشدة على هذه الانواع من البشر في تسارع انتشاره و الفتك بضحاياه.
فالجميع في هذا المجتمع علماء و أطباء و سياسيين و اقتصاديين في آن واحد، يحاضرون بما أوتوا من جهل، و يشتغلون بالنقاشات العقيمة على مواقع التواصل ، ساخرين من هذا و شاتمين آخر. و أي اختلاف بالرأي يعني استحضار كلمات التخوين و الشتيمة .
في 17 نوفمبر 2019، استيقظ العالم على أول إصابة بفيروس كورونا المستجد في مدينة ووهان الصينية و تحديداً في سوق يُأكل كل ما يمكن قَضمُه . الأمر في البداية لم يكن مخيفاً أو انه لم يبدو كذلك. و مع ازدياد وتيرة الاصابات بسرعة و تسريب مشاهدة مقلقة. بدأ القلق يسود العالم بحكوماته و علمائه و شعوبه. واجتاح هذا الفايروس نقاشات مواقع التواصل الإجتماعي.
قد تكون محظوظاً لانك أصم و كفيف. ستكتشف ذلك عند رؤيتك لتعليقات البعض حول الجائجة.
فالبعض و هو جالس متكئاً، أطلق اليقين أن لا فيروس و الأمر مؤامرة ليست إلا. آخر تَبَوَءَ مقام الإله و اعتبر الفيروس حساباً للصين على عنصريتها ضد الإيغور.
جعل الفيروس الصغير من الحدود ملعباً له. و اختار الكون كله فريسة له. و بدأت أرقام الإصابات و الوفيات تعتزم صعوداً. كابوس الطاعون الأسود و الإنفلونزا الإسبانية يراود العالم مجدداً…
منذ ذلك الحين هَبَّت جحافل من علماء الطب لإعداد العدة للقضاء على المرض اللعين. نخب الادمغة افرغت جُل معارفها، للنجاة بالكون الكبير من الفيروس الصغير الذي خذل المعارف الطبية المكدسة في عقول العلماء و طيّ الصحف. مرض ما عرف العالم مثيله.
سنة كانت كافية لتبدأ الإنجازات الطبية بتطمنة العالم.
أكبر الشركات الدوائية أعلنت نجاحات متفاوتة في لقاحاتها ضد “كورونا المستجد” و تصدر “فايزر” اللقاح الألماني-الأمريكي الفعالية و الأمان. بضع أسابيع شهدت انتصارات طبية متتالية بلقاحات عدة، هي الرصاصة الأخيرة للنجاة بالبشر.
كيف يحصد الجهل أرواحاً؟
و لأن الانترنت بيد الأحمق هو كالسلاح بيد الأطفال. تكتل الحمقى و الجهلة صفاً واحداً مُطلقين سخافات، قد تكون عوناً للفيروس، لا عوناً للبشر. فبعضهم إتهم شركات الأدوية بالسعي للفتك بجيوب الأمم و الإختلاء بأرباح خيالية، بلقاح لا يغني عن الشفاء شيئاً، و هل العالم أقل شأناً من الملايين التي تُصرف للهو؟!
أما بعضهم كان واثقاً من حماقته، فأنهى نقاشه بعدم وجود ما يسمى كورونا و أن اللقاح هو حلقة أخيرة من وهم المؤامرة!
في الحقيقة لا يمكننا أن نلوم فيروس لا عقل و لا مدبر له. بل نلوم أبله قَدَّمَ الارواح قرابين و هَتَكَ سلامة المجتمع ، بفضل استهتاره و جهله.
قيمة التجارب في حِكَمِها. و في كورونا حكمة للمستقبل و الأجيال مفادها “نظفوا المجمتع من الجهل ، فداء الجهل هو من قتل الإنسان لا الفيروس!”
هذه اللقاحات قد تضع حداً للفيروس و انتشاره ، لكن يبقى السؤال “هل من لقاحٍ فعّال للجهل؟!”