على الرغم من استبعاد الخبراء أن يعطي الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن الملف السوري أولوية على حساب الاتفاق النووي الإيراني والصين وروسيا، اضطلعت دعوة السفير الأميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان بلاده إلى تبني مقاربة جديدة أهمية لافتة إذ تزامنت مع تردد أنباء حول إمكانية اختياره موفداً خاصاً لبلاده إلى دمشق. وفي مقابلته مع صحيفة “الشرق الأوسط”، رأى فيلتمان أنّ سياسة الرئيسيْن السابقيْن دونالد ترامب وباراك أوباما في سوريا فشلت في تحقيق نتائج ملموسة باستثناء هزيمة “داعش”، داعياً إلى اختبار مقاربة جديدة تقوم على اتخاذ الرئيس السوري بشار الأسد “خطوات ملموسة ومحددة وشفافة لا يمكن العودة عنها في شأن الإصلاح السياسي”، مقابل إقدام واشنطن على أمور بينها تخفيف العقوبات على دمشق.
أداة العقوبات حضرت في مقال نشره “المجلس الأطلسي” وكتبه المفاوض الأميركي في لبنان فريديريك هوف الذي سبَقَ أن شغل منصب موفد بلاده إلى دمشق. وفي معرض تقييمه سياسة بلاده في دمشق، انتقد هوف ردود فعل واشنطن التي “فاقمت الأزمة وقوّضت مصداقية الولايات المتحدة داخل سوريا وخارجها”، واستبعد- مثل فيلتمان- أن يشكّل الملف السوري أولوية بالنسبة إلى إدارة بايدن، مبرزاً تأثير جائحة فيروس كورونا وتداعياته الاقتصادية بشكل خاص.
على مستوى العقوبات، لفت هوف إلى أنّ “الأطراف المهتمة بتعزيز مكاسب الأسد السياسية”، “بدءاً من الرئيس السوري نفسه”، تسعى جاهدة إلى استغلال انشغال الإدارة الجديدة، موضحاً أنّ دمشق تواصل تحميل العقوبات مسؤولية “فشل الاقتصاد السوري”. وهنا تطرّق هوف إلى مقال لـ”مركز كارتر” يدعو إلى رفع العقوبات عن سوريا وإعادة التواصل الديبلوماسي مع الأسد بشكل تدريجي.
هوف الذي وجه انتقاداً حاداً للرئيس السوري، استدرك بالقول: “ما لا شك فيه أنّه يتعيّن على إدارة بايدن مراجعة العقوبات المفروضة على رجال النظام ومؤسساته بهدف محاولة التأكد من أنّ شيئاً تفعله الولايات المتحدة لمحاسبتهم يفاقم معاناة السوريين (..)”. وأضاف هوف: “قد تمثّل العقوبات أحياناً كثيرة أداوت حادة ذات تأثيرات غير مقصودة”.
وعلى عكس هوف الذي لم يذكر تأثير لبنان على الأزمة الاقتصادية السورية، قال فيلتمان: “أعتقد أن القسم الأكبر من أزمة الاقتصاد يعود لسوء الإدارة والأزمة الاقتصادية في لبنان، حيث لم يعد السوريون قادرين على استعمال لبنان”. وتابع فيلتمان تحليله آخذاً نقص الخبز مثالاً، إذ قال: “لا علاقة له بالعقوبات ووجود أميركا في شمال شرقي سوريا. القسم الأكبر من المعاناة في سوريا يعود لنقص الخبز. لكن روسيا لم تساعد في ذلك(..). من السهل لوم العقوبات أو الوجود الأميركي شمال شرقي سوريا، لكن هذا تفكير سطحي لأزمة أعمق وتحديات جوهرية في سوريا اليوم”.
التصويب على دور روسيا في سوريا ينسحب على هوف أيضاً، إذ توقع أن تواصل إدارة بايدن توفير المساعدات الإنسانية للاجئين والسوريين المتواجدين في المناطق غير الخاضعة لسيطرة الجيش السوري، ما لم تواجه “تحدياً عسكرياً من جانب رسويا أو غيرها من مساعدي النظام”.
في ما يتعلق بتغيير النظام، أكّد فيلتمان أنّ “الأسد اليوم بالنسبة للسيطرةالعسكرية أقوى مما كان سابقاً”، وأنّه من “من غير الواقعي أن تقوم السياسة على “تغيير النظام” في المدى القصير”، مستبعداً أن يكون حكم الأسد مضموناً على المدى الطويل. أمّا هوف، فحذّر من أنّ خيار “الاعتراف بانتصار الأسد” قادر على إلحاق الضرر الأكبر بالمصالح الأميركية ومستقبل سوريا، مشدّداً على أهمية دعم جهود المبعوث الأممي إلى سوريا والالتزام بالبيان الختامي لمجموعة العمل السورية في العام 2012 وقرار مجلس الأمن الدولي 2254.
المصدر: لبنان 24