الجمعة, نوفمبر 22, 2024
الرئيسيةأخبار لبنان اليومطرابلس: إهمال عام وغضب عمومي

اضغط على الصورة لتحميل تطبيقنا للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

طرابلس: إهمال عام وغضب عمومي

انضم الى قناتنا على الواتساب للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

انضم الى قناتنا على التلغرام

spot_img

انضم الى مجموعتنا على الفيس بوك

spot_img

التمييز بين العام والعمومي مقصود، فالإهمال المنسوب إلى العام مصدره “التشكيلة” السياسية الحاكمة بأمر مزاجها واستنسابها، والغضب المنسوب إلى حركة الشارع في طرابلس، مصدره شراكة عموم المناطق اللبنانية المقهورة، مع عاصمة الشمال، بنصيب وافر من الإهمال العام.
الإهمال المنوه عنه، ليس موضوعاً مادياً فقط، بل هو إهمال “قيمي وأخلاقي”، لتعلق الأمر بكرامة الأفراد، وبالحقوق الإنسانية الأولية للجماعات، وفي طليعة هذه الحقوق، حرية التعبير، والقدرة على بناء واستثمار وتحقيق التغيير. والحال، فإن سياسة التشكيلة الحاكمة، التي تتحكم بسلطة إدارة النظام الطائفي، تشكل، حتى تاريخه، النسخة الأردأ من سياسات هذا النظام، لجهة لامبالاته بالسياق الوطني العام، على صعده المباشرة، وعلى صعيد ما قد يؤول إليه من سوء المصير. بناء على ما تقدم، من الصائب القول، إن العام الحاكم اللبناني اليوم، هو في موقع الفعل، وإن العمومي الشعبي، هو في موقع رد الفعل، لذلك فإن المسؤوليات ليست متساوية، وقراءة المواجهة بين الفعل ورد الفعل، تجد عناوينها في كتاب الواقع والوقائع، وليس في مخيلة الحاكم الذي تستهويه تهويمات الحكايات التآمرية.
إذن، وانطلاقاً من واقع محدد، وفي إطار سياسي اجتماعي معين، وعلى “بيدر” وقت معلوم، حري بالعين الناظرة إلى واقع طرابلس اليوم، أن تعمل “غربال” الحد الفاصل اللازم للفهم، وأن توفر الشروط المطلوبة للتمييز بين زؤان الجلاد وقمح الضحية.

حديث الإفقار
عنوان الغضب الذي انفجر في عاصمة الشمال، كان مباشراً صرفاً، فكُثر تحدثوا عن الجوع، وعرضوا سوء الأحوال، وأشاروا إلى حالة الحصار بالعوز، في ظل التدابير الوقائية من خطر شيوع وتجدُّد جائحة كورونا. خلف هذا الكلام المباشر يكمن رفض “الدونية” التي يجري دفع “الطرابلسيين” إليها، مثلما يعلو الصوت ضد الاتهامية الجاهزة “بالإرهاب”، وضد التوظيفية، التي يُحال السكّان وفق لائحتها، الاستخدامية، إلى مطيّة لمآرب حفنة من الساسة، الذين يخوضون الصراع من أجل أهدافهم الخاصة الفردية. هذا الدفع الذي يقدمه نبض الشارع الشمالي، يكتبه المنتفضون بالصوت وبالقبضة، وبالجسد وبالحجارة، والكتابة تتناسب حدّة وشدّة، مع حدّة وشدّة التزوير الاتهامي الذي يمسّ بكرامات المنتفضين، مثلما يمسّ بجوانب حيائهم الماضية. تلخيصاً، ومن موقع الشارع، ليس الأمر أمر جياعٍ وعُراة، بل هو، أولاً وأساساً، أمر إعلان أن الشعب ليس “مطيّة” ليركب، وليس دميّة بأيدي الساسة المتلاعبين، أو الساسة الدمى، والشعب إياه، ليس مستودعاً للأفكار البالية، ليسهل لساسة النظام المتقادم البالي، وصمه بالتخلف وبالإرهاب، مع ما يستحضر ذلك من أساليب وممارسات عنفية مدانة…

في الخلاصة، في الشارع مجموعات ناهضة من أجل كرامتها، في مواجهة سلطة تتحرك من أجل مغانمها، وفي حين يصدر الكلام مباشراً واضحاً، من جهة أبناء الكرامة، يأتي الكلام عائماً وغائماً وملتبساً وملفقاً.. من جهة الطاقم الرسمي الذي لم يفعل حتى تاريخه، سوى إدارة الخراب.

حديث المؤامرة
لم يغب حديث المؤامرة عن اليوميات الخلافية اللبنانية، فلقد حفلت عقود سياسية خلت بهذا الحديث، الذي كان يخلع لباس التآمر على كل معارضة سياسية، في الوقت الذي كان يصرف الحاكم جهوده إلى مواجهة المؤامرة والمتآمرين، ويكرِّس “وطنيته” كلها للمواجهة. في الماضي، كان مصطلح “الطابور الخامس” رائجاً، واليوم مصطلحات المندسين، وأصحاب الأجندات، وساسة تصفية الحسابات.. عملة رائجة بدورها. لكن ما شأن الذين احتلوا بالغضب، شوارع طرابلس، وما شأنهم إن تهدد موقع هذا الرئيس أو ذاك؟ وكيف تتشكل اللوائح الاتهامية بحق المنتفضين؟ ومن أين يستقي “المحلفون” مادتها؟ الجواب المعلوم تجريبياً، هو أن ما يسوقه الحاكم ضد محكوميه، “فبركات” هروبية جاهزة، وأنه من الأجدى للحاكم، أن يقرّ، ولو أمام ذاته، بأن عصب الشارع المحرك، له إسم آخر، وأن “عصبية” المتحركين، وعنفهم، تتصل اتصالاً وثيقاً بالعصب الاعتراضي الأصلي، الذي هو ناظم اندفاعتهم الاعتراضية.

وبما أن مجال الاتهام، والاتهام المتبادل مفتوح، فليكن الرد على جملة الحاكم، من منطوق جملته ذاتها. على سبيل المثال: يسوق الحاكم ضد معارضيه تهمة الإرهاب! التهمة ذاتها تنطبق على الحاكم، عندما تتم العودة إلى تعريف الإرهاب الذي من ضمنه، تنفيذ السياسة الخاصة بالإكراه، ومن ضمنه أن الإرهاب يكون مادياً ومعنوياً، ويوجه ضد الفرد وضد الجماعة.. فهل للحاكم أن ينبئ سامعيه، عن احتمال شمول تصرفاته بتعريف الإرهاب ذاته؟ ألا يرهب الحاكم معارضيه معنوياً، عندما ينسب إليهم ما ليس فيهم؟ ثم ألا يعتبر الاتهام الجزافي، توطئة لاستخدام العنف الاعتباطي، الذي يتجاوز حدّ السلطة؟ وماذا يسمى تجاوز حدّ السلطة حسب تعريف حقوق الإنسان، وضمان السلامة الفردية، وصيانة حق الاعتراض والتعبير؟ هذه الأسئلة وسواها، لا تنتظر جواباً من الحاكم والمتحكم، فالجواب لن يأتي من قبل نظام تأسس على إشكالية “الشخصانية” الفردية والجمعية، وجلَّ ما في الأمر، أن الشارع يملك من مستندات الردّ ما يجعل كل اتهام مردود إلى الجهة التي صدر عنها، وأن الشرعية الشعبية، في اعتراضها، متوفرة لكل معترض، هذا في الوقت الذي لا يستطيع الفريق الحاكم، أن يدّعي امتلاكه مجتمعاً، لهذه الشرعية.

حديث الأسلوب
جلاء منطلقات المواجهة، بين الشارع والحاكم، تفتح هامشاً ضرورياً لنقاش الأساليب الاعتراضية، تمهيداً للدعوة إلى اعتماد ما هو مفيد منها في العمل الشعبي، وتجنّب المسيء من الممارسات، مما قد يرتد ضرراً على الحركة الاحتجاجية، لجهة انفضاض جمهور واسع عنها، ولجهة تقديم الغطاء التبريري لخصمها السلطوي.

بالملموس، ومن مجريات اليوميات الشمالية، تقتضي الإشارة إلى الدعوة إلى عدم اللجوء إلى العنف مبدئياً، فهذا من شأنه الإساءة إلى السلمية التي تشكل الغطاء “القانوني” الأساسي لكل تحرك، من جهة ثانية، تقتضي الواقعية القول، إن “مسطرة” القياس لن تكون مفيدة لدى مواكبة تطورات الحركة في الشارع أو ما قد تحمله من عنف “نظامي”، تضعه السلطة الحاكمة كبند أول على جدول ردودها.

لكن وفي مختلف الأحوال، يجب إغراق أي رد عنيف يصدر عن مجموعة أو أكثر من القوى المشاركة في الاعتراض، بسيل من التعبيرات “الهادئة” بحيث لا يطغى العنف “المحدود”، على الطابع السلمي العام للحركة الاعتراضية.

من السياق ذاته، على المتابع من موقع المواكبة أو المؤازرة، ألاَّ يتخذ من الأداء الهادئ، مبرراً لنقده “الثوري” اللاذع، مثلما يتوجب على متابع آخر، ألاّ يتخذ من الأداء العنيف، مبرراً لنقده “الحضاري” الذي لا يحفظ لصاحبه نقاء “نظريته” الناصعة البياض.

حديث التنظيم
لا يكفي النظر إلى شؤون التحركات الشعبية من بعد، بل يجب النزول إلى ميادينها. تتبلور الصورة في الميدان، وفي الميدان تختبر الفكرة، ومن الاختبار تكون الخلاصات الواقعية، وتكون البرامج العملية الملموسة، هذا يفتح الباب للقول، إن مسؤولية القوى المنتظمة في أحزاب مسؤولية كبرى، فعليها تقع المبادرة إلى افتتاح كل النقاش حول ما بعد 17 تشرين الأول 2019، وعليها تقع مسؤولية استيعاب العفوية، الصادرة عن الشارع، ومسؤولية معالجة نفور أوساط واسعة من الحزبية عموماً، بسبب من قراءات متفاوتة ومختلفة لتجارب الأحزاب. طرابلس اليوم تقدم مناسبة ومحفزاً للمراجعة، ودافعاً إلى المبادرة. وكل ذلك، على طريق استعادة حركة معارضة، تكون الخصم الوطني الحقيقي، لنظام الفئويات الطائفية.

المصدر: المدن – أحمد جابر

Ads Here




مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة