خاص سكوبات عالمية | محمد ناصرالدين
أنعم الله على لبنان بتنوع في عباده، و غزارة في تراثه و موارد قل مثيلها ، حيث يُصنف لبنان ضمن قائمة الدول الاكثر تنوعاً من حيث مكوناته ، ففسيفساء المجتمع اللبناني يزيدها بهاءاً البقعة العالقة بين شرق الأرض و غربها. تنوع التراث و الفن و الطبيعة يجعلك تجد في لبنان ما قد يغنيك عن السفر لدول عدة للإستمتاع بالخصائص نفسها. نِعَمٌ ما قدَّرَها الحُكام ، الذين قلت حكمَتُهم، فجابهوا المحبة بالكراهية و استبدلوا العيش المشترك بالدكاكين الطائفية ، فأصبح المجتمع المتعدد و تجانسه رهينة حماقات السلطة و غرائزها الطائفية، تجانس قد ينفجر تلاشياً و الدولة التي احتضنت الجميع قد تصبح حينها فُتات من جماعات و فئات و دويلات متناحرة.
ما داء الوطن؟
يعاني لبنان من الفساد الذي اصبح أكثر مؤسساتية في إداراته الحكومية و مؤسساته الدستورية ، فسادٌ يُنذز استمراره بمزيد من الهدر لمال الشعب، عندها سيدخل المزيد من فئات الشعب اللبناني ضمن دائرة التهميش و الجوع و الفقر، دائرة تتسع كإتساع جيوب مفتعليها!
الطائفية فاقمت المشكلة السياسية و جعلت الفساد لأجل الطائفة أمر مشروع. المشكلة ما اقتصرت على نهب موارد الدولة من قبل منتحلي صفة “حماة الطوائف” بل انتقلت عدواها إلى مجتمع يائس ،حيث عمد هؤلاء إلى ترسيخ التفرقة كأقل الأساليب كلفة لحماية مصالحهم.
هل فشلت كل أنواع ترميم النظام؟
إن فهم البنية السياسية للبنان هو السبيل الوحيد لإيجاد حل للأزمة الطائفية السياسية المستدامة في البلاد، و معرفة ثغرات النطام اللبناني و الاتفاقات اللاحقة هو الطريق الوحيد لتقويضها عبر دستور عصري جديد لا طائفي، دستور يجعل من الطائفية ذكرى خلت و انقضى اجلها في العمل السياسي اللبناني ، دستور يجعل العدالة الاجتماعية و الكفاءة أكثر مؤسساتية بعيداً عن أهواء و نزوات راكبي الموج الطائفي .
يُعتبر الحوار هو السبيل الأقل كلفة لتفادي النزاعات و مساوئها و الخروج من قُمامة الطائفية و المحاصصة، طاولة الحوار يجب أن لا تنصت إلا للشعب اللبناني و خياراته و مكوناته بعيداً عن دوامة الإقليم و صراعاته المقيتة. حوار يجب أن تكون أولى نتائجه قانون نسبي عادل للإنتخابات، قانون يعتمد القاعدة الأشهر ( صوت لكل رجل ). و من ثم اعتماد هذا القانون كسبيل لانتخاب مجلس تأسيسي، لا مهمة له سوى إصدار دستور يكون نِداً للديمقراطيات الغربية، و لا مانع من الاستناد إلى بعض الدساتير الحديثة للاقتباس منها بما يتناسب و الخصوصية اللبنانية. الدستور الجديد يجب أن يستتبعه الكثير من القوانين التفصيلية، فلبنان من اكثر الدول لجوءاً للأعراف المفتعلة في تفسير أحكام دستوره.
وكغيرها من دول الشرق المتوسط، يعاني لبنان من تعاظم التدخل الخارجي في شؤونه، تدخل ما ساهم الإ في توسيع المسافة بين مكوناته و طوائفه، و ما خفي أن الأزمة الحكومية الأخيرة ، الناتجة عن المحاصصة ، دخلت مرحلة تصفية الحسابات الإقليمية و الدولية .
اللُحمة الداخلية هي خير سبيل للنهوض بلبنان و السير فوق رُفات الطائفية و الفساد و المحاصصة، النهوض نحو دولة الإنسان لا الطوائف، دولة تسمو فيها القوانين و الدستور. فلبنان بلا شك يستحق بمقوماته، صدارة مستحقة بين دول المنطقة .