المصدر: International Scopes – سكوبات عالمية | شادي هيلانة
نحتاج اكثر من اي وقت مضى الى عزلنا عن تقلبات المنطقة وصراعاتها
سيدي الرئيس تحية طيية وبعد.
نظراً الى الأوضاع الخطيرة والمأساوية التي ضربتّ لبنان، من فساد وسرقات، أمام نظر العالم أجمع وارتكاب المجازر وسرقة المليارات من أموال أبناء شعبنا، الا يمكننا اعتبار ذلك عملاً ارهابياً دولياً؟، لذلك يتوجب عليكم الإيفاء بتعهّداتكم تجاه لبنان وشعبه الذي يتعرض للإبادة الجماعيّة، لأن أي تأخير عن نصرته ومساعدته يعتبر وقوفاً الى جانب اللصوص الذين يهدّدون الجميع، حيث أنّ خطر الفساد يهدّد الأمن والسلم اللبنانيين، لذلك على أمريكا ان تبدأ بمساعدة وطننا للخلاص من هذا الوباء الذي هو أشدّ خطورة من جائحة “كورونا”، لإبادته والقضاء عليه وكشف اسماء العابثين والفاسدين، وفرض عقوبات عاجلة عليهم اضافةً الى البنوك التي تتعامل معهم .
سيدي الرئيس بلدنا أسيرٌ، للعبة التعطيل، والضياع في زواريب العناد السياسي، وممارسات عضّ الأصابع، ورهان كل طرف على أن يقول خصمه “آخ” قبله!
لُبنان دخل في نفق جديد من الصراعات المدمرة، حيث سقطت كل محاولات إنقاذ مليارات مؤتمر سيدر، وذهبتّ جهود تخفيض العجز في الموازنة العتيدة أدراج الرياح، فتفاقم تدهور الوضع الاقتصادي وتداعياته المالية على الليرة، وبقيتّ السفينة تلاطم أمواج الأزمة العالية، من دون وجود ربّان يقودها في هذه المرحلة الصعبة، وحكومة “مخطوفة” في مسار التعطيل المتعمّد!
سيدي الرئيس سأكلمك عن العاصمة بيروت وذاكرتها الحديثة المليئة بالمآسي والحروب، فالوهلة التي تلت انفجار ٤ آب “النووي”، دفعت اللبنانيين إلى الغوص من جديد في جروح لم تندمل لماضٍ قريب بعيد.أليس من صدف الأقدار أن يكون مكان اغتيال رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، على بُعد بضعة كيلومترات فقط من موقع انفجار الميناء، وذلك قبل 16 عاماً!
سيدي الرئيس إن إنشغال العالم بالنيران المندلعة من حولنا لا يترك له فسحة جدية من الوقت ليتطلع الى أزمتنا.
وهذا لا يعني أن العالم يهملنا كلياً، إلاّ أن أصحاب القرار فيه غير مستعجلين للتدخل الفاعل في ما يمهد أو يساعد على حل أزمتنا.
ثم إن ترك الأزمة اللبنانية مفتوحة قد لا يكون مفيداً للحلول في المنطقة.
فمن يضمن جغرافية لبنان؟ من يضمن أنّ هذه الجغرافيا لن تكون جزءاً من الصفقة الأكبر !
لبنان يدور في حلقة لا نفاذ منها. يستمر ذلك منذ سنوات وعقود في مسار، جعله في كل جوانب حياته كوطن ودولة وشعب، مُجرد ورقة في يد لاعب أجنبي، يستعملها حسب حاجاته في اللحظة التي تناسبه وبحسب مصالحه الخاصة.
سيدي لقدّ أمسكتّ الدول الإقليمية، بالدولة اللبنانية تماماً وهو في صراع جوهري للبقاء، لكن الحضور الإيراني فرض ايضا وجوده، تسلم الراية، وواصل النهج السوري لأهداف خاصة به.
انّ مصلحة دولة لبنان هي السيادة والاستقلال، الدولة التي أُرسيت قبل مئة عام، وما زالت حاجة تاريخية، اليوم تحتاج اكثر من اي وقت مضى الى عزلها عن تقلبات المنطقة وصراعاتها التي لا تنتهي.