منذُ بدء تدخل أنقرة في الشؤون الشمالية عموماً والطرابلسية خصوصًا، تواترت أخبار كثيرة وإشاعات عن قيامِ عدد كبير من الطرابلسيين بالإستفادة من الوجود التركي الذي قطع مرحلة التوغل في عاصمةِ لبنان الشمالي وأصبح في حالة تمكّن، فمؤسسة “تيكا” وهي الوكالة التركية للتعاون والتنسيق، تمدَّدت من عكار حتى طرابلس لتقوم بتواصلٍ مباشر مع العديد من الأشخاصِ النافذين اليومَ على الارض، رؤوساء محاور البارحة بحجّة المأزق الاقتصادي، فالجميع يعلم أن الوضع المعيشي بات لا يُحتمل في طرابلس كما في كل لبنان، وممّا لاشك فيه أن الطبقة العاملة أصبحت ترزح تحت وطأة الفقر, الطرابلسيون كما سائر اللبنانيين لهم كامل الحق بالإعتراض والتعبير عن رفضهم للأوضاع الحاليّة التي وصلوا إليها.
ولكن ما دور الأتراك في ذلك، ولماذا استُهدف رئيس فرع المعلومات في الشمال؟ هل الأمر بريء، هل بالخطأ، أم انّ هناك من يريد توجيه رسالة إلى فرع المعلومات! فبالرغم من زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري لتركيا وبالرغم من التنسيق الكلي بينه وبين العميد خالد حمود، فإن ذلك لم يَحُلْ من الاعتداء على سور سراي طرابلس حيث كان يتواجد داخل مقر العقيد محمد عرب كل من المقدم وسيم خير والنقيب علي ضاهر، من قبل أهل طرابلس وشبابها، وهناك من يقول انهم “داقوا” ذرعاً بالسيّاسات الحريرية “الفاشلة” وبتصرفات ذراع الشيخ سعد الأمنيّة، لاسيّما وان العقيد عرب يدعم “مجموعات” ويلاحق اخرين.
يُبرِّر بَعضهم، أن “العقيد عرب يقوم بذلك لضبط الشارع فهو يقف بجانب الأقوى من”القبضايات”، بالرغم من فرضهم لـ “الخوات” والسيطرة على أحياء ومحال وشوارع، إلا أن همّه أن تبقى الشوارع تلك بعيدة عن الإرهاب والخلايا المُخرّبة، وهي الحجّة التي أصبحت واهيّة بعدَ تفجيري محيط مسجد التقوى في طرابلس في العام 2013 وإكتشاف ان خلية تفجير حارة حريك في العام 2014 لشارع عين السكّة في منطقة برج البراجنة كانت ناشطة في طرابلس ولم يكشفها فرع المعلومات، إلّا قبل دقائق من حصول التفجير في ضاحية بيروت, وبالتالي يصف أخرون أداء فرع المعلومات بالفاشل بالرغم من النيّات الحسنة، أما البعض الاخر فينفي ان يكون الموضوع يتعلق بالأمن بل بالتبعية السياسية لآل الحريري.
والجدير ذكره، أن “الإعتداء على العقيد محمد العرب والمقدم وسيم خير والنقيب علي ضاهر جاء أثناء عقد إجتماع في مكتب العقيد العرب في سراي طرابلس وبعد ساعات من فصل خير من مركزه الحالي, ولا صحة لأي إصابة بالغة بل أن جميع إصاباتهم طفيفة او متوسطة نتيجة تساقط الزجاج عليهم، علماً أن المقدّم خير كان يشغل رئيس مكتب فرع المعلومات في المنية”.
ففرع المعلومات بتخطيط من العميد خالد حمود وبتنفيذ من العقيد محمد عرب لأجندة أحمد الحريري في الشمال التي تشمل العمل على السيطرة على الأرض وصولاً إلى القضاة في النيابات العامة والتحقيق، فالأمر لم يَعُد خفيّاً على مُطّلع، فمن يَتبعُ لهذه المجموعة لا يتّوقف لأكثر من 48 ساعة، فهل يُعتبر ذلك بمثابة إخبار إلى وزير الداخلية وملفاته المزعومة عن القضاء؟
ولكن ربما قضاة طرابلس “ما بجوز نقرّب عليهن” لأنهم يمثلّون ربما نسبة الـ5% من القضاة الشرفاء الذي قصدهم وزير الداخلية محمد فهمي، أو لأن كل تلك المنظومة تدخل في إطار تسهيل الدعوة الى الإنضمام والإلتزام سياسياً مع الشيخ سعد “لتخلّص راسك” إما من “قبضايات الشارع” أم في حال وقع الطرابلسي بأي مشكلة وَجبت مثوله أمام القضاء “المُحريّر!” إن كل تلك الممارسات والعوامل أدّت الى إحتقان في الشارع الطرابلسي.
ولماذا تمّ تسريب خبر وصول القوة الضاربة في فرع المعلومات ليلاً إلى طرابلس عبر الإعلام، في حين لم يَستطع أحد ضبط الوضع سوى الجيش اللبناني؟
والسؤال المشروع، فهل أنّ “التعرّض للعقيد عرب وضباطه هو عن طريق الصدفة ومن قِبل أعمال “براءة الأطفال” أم أنّه رسالة تمتدُّ جذورها من أنقرة، أم عمل فردي من مجموعة تعمل وفق تمثيلية مُحددة المشاهد ومنظمّة الفصول، أم صراع أجنحة داخل قوى الأمن بين فرع المعلومات ورئيسه وفريقه من جهة, ومدير عام قوى الأمن الداخلي وفريقه من جهة أخرى؟”.
في كل الأحوال، إنّ ما يحصل بطرابلس هو جريمة بحق “الفيحاء” وبحق مدينة العلم والعلماء والسلام، ولكن “ما حدا فاضي” هلق مشغولين بمراعاة خواطر “الشيخ” لتأليف حكومة جديدة، لاسيّما وأنه يبدو بأن عبارة “كلن يعني كلن” بَقيت حبر على… يافطة.
المصدر: ليبانون ديبات