محمد ناصرالدين | سكوبات عالمية
مَن مِنَّا خَلَتَ طفولته من أناشيد القدس و أهلها و الوعد الموعود ؟ مَن مِنَّا ما امتلأت ذاكرته الربيعية بقصائد الزيتون الصَّامد الشَّاهد على قذارة المحتل و خِصالِهِ الوحشية؟!
نعم ترعْرعنَا على الإنسانية في قضية الضمير و القرن ، و نخاف أن نشيب على صفقة القرن ، صفقةٌ ما بيعَ فيها سوى الضمير ، صفقة أحرجت الأمم الصمّاء عن انين أطفال يرون في الدعاء ملاذهم الآمن من همجية و عنصرية حمقاء.
فلسطين، هي القضية الأم التي تختبر الإنسانية و هي المعيار الصادق “لحقوق إنسان”، فتباً للمجالس و الأمم التي تعتنق الإنسانية هنا و تكفر بها هناك!
و لأن ندرة الحق هي من ندرة صادقيه، فالعثور في زمانِنا الحالي على صادق النوايا و الأفعال في سبيل القضية الفلسطينية، أمرٌ في غاية التعقيد و الإجهاد .
عام رمادي على القضية…
بعد عام استفحلت فيه المساوئ و المصائب، كان لفلسطين القضية صفعة لا غُفران لفاعليها، فصفعة تطبيع كل من الإمارات و البحرين و عمان و السودان و المغرب توالياً للعلاقات مع عدو الإنسانية منذ آب/أغسطس الماضي ، ما قلَّلَت من شأن القضية لكنها فَضَحَت قليلي الكرامة و الأمانة .
من شب على شيء شاب عليه؟
نعم نخشى اكثر من أي وقت مضى ان نشيب على الأمل نفسه، و الزيتون لا يحتضن زارعيه، و الأرض لا تُقَبِّل أهلها.
و نخشى أن تشيخ القضية و تُوارى بمثوى لا يليق بها،
بعد عامٍ حمل الصدمة لصادقي الضمير ، بموجات تطبيع و تركيع ، أنزلت الاقنعة و كشفت النوايا و جرَّدَت القلوب السوداء من غِلاف رابطة الدم و اللغة.
هل خفت صوت الإسلام تجاه القضية؟
في ظل التطبيع المؤسف للكثير من العرب مع إسرائيل الكيان، ارتفعت الأصوات المنددة و الرافضة لطمس حق الفلسطينين في تقرير مصيرهم المسلوب، موجة استنكار قادها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين و لا سيما في بيانه الصادر بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في 29 نوفمبر حيث قال “القره داغي”، رئيس الإتحاد،. إن الشعب الفلسطيني “تخلى عنه غالب الأقربين فعقدوا صفقات التطبيع والتركيع والهرولة والتنازل مع محتلي الأقصى والقدس وفلسطين” داعياً إلى “صياغة خطة استراتيجية للمواجهة والتحرير” من الاحتلال الإسرائيلي، فيما لم تتوانى كل من باكستان و تركيا و ايران، المنصنفة كدول إسلامية، عن انتقاد ما جرى و رفع سقف تصريحاتها ضد العنصرية الصهيونية و الاستيطان.
سنينُ صمت عِجَاف انتهت بتطبيع خمس دول عربية لعلاقاتها مع الاحتلال الصهيوني، و هنا يطرح السؤال التالي نفسه ” هل ارتداء الإسلام لِزَي الدفاع عن القدس و قضيتها بعد ان خلعوه العرب و رَموه في قمامة صَنَعَهَا ترامب، بداية لتحرير مرتقب او موجات تطبيع أخرى؟