كتب غسان ريفي في “سفير الشمال” تحت عنوان “حسان دياب.. يفتش عن “حج خلاص”!!”: “مفاجِئة كانت خطوة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، بالتوسط بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري لتذليل العقبات أمام تشكيل الحكومة العتيدة.
اللافت أن دياب ليس على ما يرام مع رئيس الجمهورية الذي يريد منه تفعيل تصريف الأعمال ولا يستجيب، وبينه وبين رئيس مجلس النواب إسقاط حكومته، وهو ليس على حب ورضى مع الرئيس المكلف الذي زاره متضامنا يوم إدعى عليه المحقق العدلي القاضي فادي صوان، لكنه لم يحرك ساكنا أمام رئيس الجمهورية عندما إتهم الحريري أمامه بالكذب.
رغم ذلك، خطا دياب هذه الخطوة التي أعادت تحريك المياه الراكدة في البركة الحكومية، ونسجت خيوط لامكانية التواصل بين عون والحريري “عندما يجدان الوقت المناسب لذلك”، لكن تبقى العبرة في النتيجة التي تبدو حتى الآن سلبية، خصوصا أن متابعين أكدوا أن ما لم يفلح الرئيس إيمانويل ماكرون في إنجازه على الصعيد الحكومي، وما عجز عنه الرئيس نبيه بري الذي لجأ مؤخرا الى الدعاء، وما أخفق فيه البطريرك بشارة الراعي وكذلك اللواء عباس إبراهيم، لن يتمكن حسان دياب من تحقيقه.
تشير المعطيات الى أن الرئيس دياب يفتش عن “حج خلاص”، خصوصا أن عدم تشكيل الحكومة يضاعف من الضغوط عليه ويجعله “لا معلق ولا مطلق”، فهو لا يريد تفعيل تصريف الأعمال كما يطلب رئيس الجمهورية الذي إستبدل الحكومة بمجلس الدفاع الأعلى وإتخذ قرارات في إحدى جلساته لا تليق بوزنه وبمهامه الوطنية، كما يخضع تحت ضغط أميركي للتوقيع على مرسوم ترسيم الحدود البحرية المرفوض من الرئيس بري.
وكذلك يخشى دياب من تداعيات الأزمات التي تتوالد في الساحة اللبنانية، بدءا بكورونا والتخبط الحاصل على الصعيد الرسمي في الفتح والاقفال، وعدم قدرة المستشفيات على إستقبال المزيد من المصابين ما يجعل لبنان أمام نموذج كارثي، مرورا برفع الدعم عن المواد الأساسية أو ترشيده وما يشكل من قنبلة موقوته قد تنفجر غضبا شعبيا وعصيانا مدنيا في الشارع، وصولا الى تدهور سعر صرف الليرة وتوحش الدولار الأميركي، والغلاء الناتج عنه، والى تداعيات إنفجار المرفأ وإعادة الاعمار.
أمام كل ذلك، يجد دياب نفسه أنه “فاكهة مولاية” وبالتالي من الظلم أن يتحمل تداعيات كل هذه القرارات الصعبة، كما أنه يجلس على كرسي مهزوز قد يُسحب من تحته في أي لحظة تشكل فيها الحكومة، وبالتالي فهو غير قادر على تنفيذ خطط الاصلاح، أو حتى التفاوض مع أي جهة مانحة أو دولية، أو فرض قراراته الخاضعة لتوازنات سياسية بعدما لجأ كل وزير الى حاضنته السياسية، كما أنه أيضا، لا يريد تفعيل تصريف الأعمال لأنه سيكون مسؤولا أمام اللبنانيين عن تداعيات كل القرارات الصعبة وغير الشعبية والتي من المفترض أن تتحمل مسؤولياتها الحكومة الجديدة، لذلك فقد أراد الهروب بدعوة الرؤساء الثلاثة تذليل العقبات أمام تشكيل حكومة إنقاذ، تبعد عنه الكأس المر، لكن يبدو من سير الأمور، أن عون وبري والحريري أبلغوه أو أوحوا له أنه في المدى المنظور باق في السراي الحكومي، وأن عليه الاستعداد لانفجار تلك الأزمات في وجهه!”.
إستغرب بعض الذين هم على إطلاع بما يجري من وساطات بين الرئاستين الأولى والثالثة أن يدخل رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب على خط هذه الوساطات، متسائلة عمّن يقف وراءه أو من أوحى له بذلك، خصوصًا ان دياب غير منزعج من الخلافات المستعرة بين قصر بعبدا و”بيت الوسط”، بإعتبار أن إقامته في السراي الحكومي لا تشكّل له أي حرج.
ذكرت “الجمهورية” أنّ مبادرة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في اتجاه رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري أمس انتهت قبل ان تبدأ. وقالت مصادر مواكبة لـ”الجمهورية” انّ دياب بادر اليها لسببين:
السبب الاول شخصي، حيث اراد دياب ان يبادر الى مبادلة الحريري “المنيح” الذي قدّمه له عند ادّعاء القاضي فادي صوان عليه في قضية انفجار مرفأ بيروت حيث زاره في السرايا الحكومية داعماً ومتضامناً. وثم قال له بعض المحيطين به انه “ارتكب هفوة” عندما لم يعلّق على وصف رئيس الجمهورية الح
ريري امامه بالكاذب، ولذلك اراد استلحاق الموقف بزيارته في «بيت الوسط».
اما السبب الثاني فهو سياسي، اذ انّ دياب شدد امام عون وبري والحريري على ضرورة التعجيل في تأليف الحكومة، لأنه لن يوسّع صلاحيات تصريف الاعمال بنحوٍ يخالف مفهوم تصريف الاعمال والدستور، خصوصاً ان حكومته لن تستطيع التصدي للاوضاع الآخذة في التدهور اكثر فأكثر مع تطورات كورونا والانهيار المالي وربما الامني.
وسألت المصادر «اذا كان دياب، بنيّته الحسنة، يريد المصالحة بين عون والحريري فلماذا تُعطى له هذه المصالحة بينما خيوط اللعبة اصبحت اكبر بكثير واطرافها الخارجية اعمق من الداخل؟
المصدر: Agencies