حكم على وريث مجموعة سامسونج الكورية الجنوبية أمس بالسجن عامين ونصف العام على خلفية فضيحة فساد، في قرار يحرم مجموعة التكنولوجيا العملاقة من رأس هرم القيادة. وبحسب “الفرنسية”، جاء الحكم على لي جاي يونج، نائب رئيس مجلس “سامسونج إلكترونيكس”، أكبر مصنع للهواتف الذكية ورقائق الذاكرة، بعد إدانته بتهمتي الرشوة والاختلاس المرتبطتين بالفضيحة، التي أسقطت الرئيسة الكورية الجنوبية بارك جن هاي.
وقالت محكمة سيئول المركزية في قرارها إن لي “قدم فعلا رشا وطلب ضمنا من الرئيسة استخدام نفوذها لضمان انتقاله للخلافة بسلاسة” على رأس المجموعة الضخمة.
وأضافت “من المؤسف جدا أن سامسونج، الشركة الرائدة في البلاد والمبتكرة على مستوى العالم، كانت بشكل متكرر ضالعة في جرائم مع تغيير السلطة السياسية”.
وتعد “سامسونج” أكبر إمبراطوريات الأعمال، التي تسيطر عليها عائلات في كوريا الجنوبية، ويبلغ حجم أعمالها ما يصل إلى خمس الناتج المحلي الإجمالي، وهي في غاية الأهمية للاقتصاد الكوري الجنوبي، وكان نجاحها مدفوعا بالرغبة في استثمار المليارات في رهانات استراتيجية على تقنيات محورية.
وجاء الحكم في ختام إعادة محاكمة تندرج في إطار إجراءات قضائية طويلة ترخي بظلالها على “سامسونج” منذ أعوام.
وقد نقل لي جاي يونج، الذي حضر المحكمة متجهما وواضعا كمامة، ولم يرد على أسئلة الصحافيين، إلى السجن فور صدور الحكم.
ترأس لي مجموعة “سامسونج” منذ أصبح والده ورئيس الشركة السابق لي كون هي طريح الفراش بسبب نوبة قلبية ووفاته في تشرين الأول (أكتوبر). وقال محامي الدفاع لي إن- جاي للصحافيين “إنها قضية انتهكت فيها حرية شركة وحقوق ملكيتها بسبب إساءة استخدام الرئيسة السابقة للسلطة”.
وأضاف “نظرا إلى طبيعة القضية، أجد حكم المحكمة مؤسفا”.
ويرى الخبراء أن الحكم سيولد فراغا في القيادة من شأنه أن يعرقل عملية اتخاذ القرارات في استثمارات ضخمة مستقبلا.
وقال كيم داي-جونج الأستاذ في إدارة الأعمال في جامعة سيجونج “إنها ضربة كبيرة لشركة سامسونج وستتسبب في أزمة ضخمة”.
ورفضت “سامسونج إلكترونيكس” التعليق على قرار المحكمة أمس.
ومثل عديد من شركات التكنولوجيا، ارتفعت أسهم مجموعة سامسونج بشكل كبير خلال جائحة كوفيد – 19 وبلغت أكثر من ضعفي أدنى مستوياتها في آذار (مارس)، لكنها أغلقت على انخفاض 3.4 في المائة أمس. وتمحورت القضية على ملايين الدولارات، التي زعم أنها دفعت من مجموعة سامسونج للحكومة بما في ذلك ضمان انتقال لي ليخلف والده المريض.
وسلطت الفضيحة الضوء على العلاقات المشبوهة بين الشركات الكبرى والسلطة السياسية في كوريا الجنوبية واتهمت الرئيسة المخلوعة بتلقي رشاوى من كبار الشخصيات في الشركات في مقابل معاملة تفضيلية.
وحكم في 2017 على لي بالسجن خمسة أعوام بعد إطاحة بارك.
لكن أطلق سراحه في العام التالي بعدما رفضت محكمة الاستئناف معظم إداناته المتعلقة بالرشوة وحكمت عليه بالسجن مع وقف التنفيذ، إلا أن المحكمة العليا نقضت القرار وأمرت بإعادة محاكمة الرجل البالغ 52 عاما. وفي أيار (مايو)، قدم لي اعتذارا علنيا نادرا وانحنى أمام الكاميرات معتذرا لسوء سلوك الشركة بما في ذلك خطة الشركة المثيرة للجدل، التي سمحت بتوليه القيادة.
ووعد بأن أبناءه لن يخلفوه في مناصب إدارية عليا في الشركة.
وقد واجه كل من والد لي، لي كون-هي وجده مؤسس شركة سامسونج لي بيونج-تشول، مشكلات قضائية أيضا، لكنهما لم يسجنا مطلقا.
وفي الماضي، كان قادة المجموعات الكبرى الكورية الجنوبية المدانين بجرائم مثل التهرب الضريبي أو الرشوة يمنحون عفوا رئاسيا تقديرا لدورهم الاقتصادي.
وقال اتحاد الصناعات الكورية في بيان “نظرا إلى حصة “سامسونج” في الاقتصاد الكوري ومكانتها كشركة عالمية، يخشى أن يؤثر الحكم سلبا في الاقتصاد الكوري عموما”.
وأضاف أن لي “كان يساعد في الحفاظ على الاقتصاد الكوري وعدم انهياره من خلال الاضطلاع باستثمارات جريئة، وإيجاد فرص العمل في خضم الأزمة الاقتصادية بسبب فيروس كورونا”. وفي وقت سابق من هذا الشهر، سجلت “سامسونج إلكترونيكس” ارتفاعا بأكثر من 25 في المائة في الأرباح التشغيلية للربع الرابع، وذلك يعود، بحسب الشركة، إلى فوائد العمل عن بعد الذي فرضه الوباء، الذي عزز الطلب على الأجهزة، التي تعمل برقائقها.
ويتوقع محللون استقرار الشركة في 2021، مع استمرار الطلب على رقائق الذاكرة، التي تطورها المجموعة.
المصدر : الإقتصادية