كل يوم نَستفيق على دراسة جديدة أو رأي خبير مختلف حول العدوى بكوفيد 19 وحول الادوية أو البروتوكول ذات الفعالية العالية للتخلّص من المرض بأسرع وقت ممكن. وقد أصبحَ الاهتمام بموضوع الجائحة عالياً تبعاً لنسبة الوفيّات المرتفعة التي تصيب مرضى كورونا في لبنان.
فبالرغم من توصيات وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن بإعتماد الاجراءات الوقائية السليمة وبالرغم من إقرار قانون شراء اللقاح، وبإنتظار بدء المرحلة الاولى من التطعيم، تبقى الاراء منقسمة حول فعالية اللقاح واي لقاح يُعتمد.
رئيس فرع الشرق الاوسط “للكليّة الاميركيّة للصيدلة السريرية” والاختصاصي في الامراض الوبائية الدكتور روني الزعنّي، أكد بأن “اللقاح هو الطريقة الامثل للإسراع نحوَ مرحلة القضاء على الوباء تدريجياً وتأمين مناعة القطيع”.
ورداً على أسئلة عدّة حول اللقاح ومفاعيله، اشار الزعنّي الى انه “بالنسبة للمسنين، والمرضى الذين يعانون من مخاطر عالية (امراض مزمنة، او سمنة، او ذوي اعاقات)، اضافة الى اخصائيي الرعاية الطبيّة في خطوط المواجهة، فإنه يُفضّل ان يأخذوا اللقاح بغض النظر عن الشركة المنتجة لهُ. وانه خلافاً لما يتناقله الناس عن مخاطر إنتاج لقاح في وقت قصير، سيما وأن بعض اللقاحات في الماضي اخذت سنوات من الابحاث والتجارب لتثبت فعاليتها وسلامة استعمالها”.
أضاف: ” تكنولوجيا الادوية وتطوير اللقاحات أصبحت متطورة كثيراً عما شهدته الانسانية قبل خمسين عاماً. فتقدم العلم ساعد بشكل كبير للاستعانة بخبرات ساهمت في التوصل بسرعة الى مدى إعتبار اللقاح آمناً للبشر، طبعاً بنسبٍ متفاوتة بين اللقاحات وقد تتراوح بين 80% الى 95%، بإعتبار أن المضاعفات والعوارض وارد حصولها تبعاً للأمراض المصاب بها بعض الاشخاص أو عند بعض المُسنّين”.
“أما بالنسبة لتقنية الحمض النووي الريبي الـ “أر.أن.أي المرسل” (mRNA) التي يتضمنها اللقاحان “موديرنا وفايزر” اضافة الى لقاح “باير كيورفاك”، يؤكد الزعنّي انها “تقنية متطورة تمّت دراستها منذ اكثر من عشر سنوات، غير انها المرة الاولى التي ينجحون بها بتخطي التحديات في الانتاج مع المحافظة على الفعالية والامان. انه اختراق في الطب يمكن ان يستعمل لاحقا لابتكار لقاح لامراض مستعصية بما في ذلك بعض حالات الاورام. فالحمض النووي “الريبي المرسل” يصنعه الجسم بشكل طبيعي في النواة لتشفير ونقل التعليمات لخلايا الجسم لصنع بروتين معين اي باللغة العامية هو كإرسال رسالة عبر الفاكس لإبلاغ امر او تعليمات دقيقة لنقل معلومات بغية تصنيع شيء محدد. في حالة لقاحات موديرنا، فايزر وباير كيورفاك، فالـ “ار.ان.اي المرسل”، لا يتم تصنيعها في النواة بل يتم حقنها في الذراع لاخبار الخلايا بكيفية تكوين جزء من البروتين الفيروسي (سبايك او S) وهو جزء صغير من فيروس كورونا SARS-CoV2 الذي لا يؤدي بمفرده الى إحداث أثار سلبية للفيروس نفسه، بل بالعكس يُحفّز على إنتاج المناعة اللازمة”.
وقال الزعنّي: “ما يبعث على الاطمئنان حقاً بشأن لقاح “ار.ان.اي المرسل” أنه لا يدخل النواة ابداً، وبالتالي لا يغيّر الحمض النووي الخاص بالانسان على عكس ما يُشاع. أما اللقاح الانكليزي “أسترازينيكا”ولقاح “جونسون اند جونسون” اضافة الى اللقاح الروسي “سبوتنيك” فهم يعملون على تقنية “أدينو فايروس”. فهذا الفيروس المعدل يحمل جزءاً من فيروس Covid-19 يسمى بروتين سبايك “S” وعندما يتم حقنه بالجسم، يؤدي الى استجابة مناعية، مما ينتج اجساماً مضادة وخلايا ذاكرة قادرة على التعرّف على الفيروس المسبب لـcovid-19 دون ان تتسبب بالاعراض مما ينتج المناعة”.
ولفت الى ان “هذه التقنية (vector based) يتم درسها حالياً ايضا لعلاج الملاريا، الايبولا ونقص المناعة المكتسب، وكل هذه التقنيات هي آمنة. كما أن هناك نوعين أخرين من الُلقاحات الصينية تحت إسم “سِينوفاك” و”سِينوفارم” وهذا الاخير معتمد في الامارات المتحدة ودول أخرى وهما عبارة عن لقاح يحمل الفيروس المعطل غير الحيّ وهو أيضاً آمن”.
بالنسبة للأعراض الجانبية، أشار الزعنّي الى انها “ممكنة عند بعد المرضى الذين يعانون من بعض الحالات او الحساسية، معظمها يتم معالجتها الا في بعض الحالات الخاصة كالذين يعانون من أمراض خطيرة أو مزمنة، كما حصل في النروج الاسبوع الماضي لحوالي 13 شخصاً حيثُ تبيّن ان اللقاح كان له تأثير سلبي عليهم ما أدّى في بعض الاحيان الى الوفاة، وهذه الحالات الضئيلة قيد الدرس”.
وختمَ الاختصاصي في الامراض الوبائية الدكتور روني الزعنّي، بالقول “بالمبدأ كل اللقاحات آمنة، ونحن لسنا أمام خيارات كبيرة إذ ان الجائحة قوية وستحصد في المستقبل العديد من الناس. والجدير بالذكر ان معظم هذه اللقاحات تعطى على جرعتين خلال مدة شهر. لذلك ان المناعة التي نكسبها من اللقاح لا تكتمل إلّا عند الحصول على الجرعة الثانية”، مشدداً “على ضرورة الحفاظ على الكمامة والمسافة الامنة حتى بعد تلقي الجرعة الاولى من اللقاح، لا سيما وأنه خلال هذه المرحلة يبقى معدّل إنتقال العدوى مرتفعاً لحين تلقي الجرعة الثانية. ان القضاء على الجائحة يتطلب مسؤولية فردية ومجتمعية لكي تتم السيطرة على تسونامي مرضية تجتاح بيوتنا واوطاننا وتقضي على اعزاءنا، وتنهك الصحة وتدمر الاقتصاد”.