قالت كريستالينا جيورجيفا مديرة صندوق النقد الدولي، إن أداء الاقتصاد العالمي خلال عامي 2020 و2021 ربما يكون أقل قتامة من التوقعات السابقة، وفقا لـ”الألمانية”.
وقالت جيورجيفا في تصريحات إعلامية ، “نحن نقوم بتحديث تقديراتنا بشأن معدلات النمو لعام 2020 وتوقعاتنا بالنسبة لعام 2021، والصورة تبدو أقل قتامة، عما كانت تبدو في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ويرجع الفضل في ذلك بصفة خاصة إلى الانتعاش الاقتصادي في الربع الثالث، الذي جاء مفاجئا من حيث الحجم”.
وحذرت مديرة صندوق النقد الدولي من اتساع الهوة بين الدول الغنية والفقيرة خلال فترة التعافي من جائحة كورونا، في تصريحاتها التي أوردتها وكالة بلومبيرج للأنباء. وأكدت إمكانية القيام بمزيد في الصين والولايات المتحدة للاتجاه نحو الاقتصاد الذي يعتمد على انبعاثات كربونية أقل. وذكرت أن صندوق النقد الدولي سيعمل مع إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن “بمجرد توليها المسؤولية للتباحث بشأن حقوق السحب الخاصة التي أوقفتها الولايات المتحدة في الوقت الحالي”.
وأشارت خلال كلمتها في منتدى روسيا الاقتصادي السنوي إلى أنه ينبغي على صناع السياسات في أنحاء العالم الحرص على مزيد من الإنفاق للمساعدة في إعادة الحياة لاقتصاداتهم المتعثرة.
وفي سياق متصل، قال أندريا إنريا رئيس المجلس الإشرافي للبنك المركزي الأوروبي، إن بنوك منطقة اليورو عانت ضربة محدودة حتى الآن من جائحة فيروس كورونا، بفضل مصداتها من رأس المال والنقدية وكذلك تدابير الدعم الرسمية، لكنه أضاف أنه لا مجال للتراخي.
وقال إنريا في كلمة ، “حتى الآن، ما زال تأثير جائحة كوفيد – 19 في ميزانيات البنوك محدودا، لكن يجب علينا ألا نركن إلى التراخي، مضيفا، “لا يمكننا استبعاد أنه بمجرد إنهاء تدابير الدعم الحكومية، ربما تشهد بعض البنوك تدهورا كبيرا في جودة أصولها”.
وكان الصندوق قد توقع في تشرين الأول (أكتوبر) انكماش الناتج العالمي 4.4 في المائة، في 2020، ثم نموه 5.2 في المائة، في 2021. أصيب أكثر من 92.22 مليون بفيروس كورونا المستجد في أنحاء العالم وتوفي نحو مليونين، بحسب حصيلة جمعتها “رويترز”.
وفي الأسبوع الماضي، قالت جيتا جوبيناث كبيرة اقتصاديي صندوق النقد إن إجراءات التحفيز في الولايات المتحدة واليابان ستغذي تعافي الاقتصادين خلال النصف الثاني من العام الحالي، وتكهنت بتحسن محتمل في التوقعات.
وتهدد السلالة الجديدة سريعة الانتشار لفيروس كورونا المستجد التي ظهرت في بريطانيا وانتشرت في عديد من دول أوروبا، اقتصادات القارة بانكماش جديد بسبب الحاجة إلى تشديد الإجراءات والقيود للحد من انتشار الفيروس. في الوقت نفسه فإن هذه الحقائق الجديدة تحتم ضرورة تطعيم أكبر عدد من سكان أوروبا باللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد حتى يمكن تجنب أكبر قدر ممكن من التداعيات الاقتصادية.
وبحسب “بلومبيرج” فإن التقديرات المتشائمة بشأن طول فترة الإغلاق، تشير إلى أن اقتصاد منطقة اليورو سينكمش بمعدل 4.1 في المائة، من إجمالي الناتج المحلي خلال الربع الأول من العام الحالي بعد انكماشه 1.5 في المائة، خلال الربع الأخير من العام الماضي. وهذا يعني أن منطقة العملة الأوروبية الموحدة ستدخل فنيا في ثاني حالة ركود لها نتيجة الجائحة وهو ما يشير إلى هشاشة التعافي الأخير للاقتصاد.
ومع تسارع وتيرة التطعيم ضد فيروس كورونا يمكن بدء تخفيف القيود وإجراءات الإغلاق بصورة بطيئة. لكن من غير المحتمل حدوث قفزة في الناتج الاقتصادي لمنطقة اليورو قبل أيار (مايو) المقبل. ومع وجود سياسات نقدية ومالية داعمة يمكن توقع التعافي بعد ذلك ليسجل الاقتصاد نموا بمعدل 4.8 في المائة، خلال الربع الثاني ثم بمعدل 3.1 في المائة، خلال الربع الثالث من العام الحالي.
وذكرت “بلومبيرج” أنه في ضوء هذه التقديرات يتراجع معدل النمو المتوقع لمنطقة اليورو خلال العام الحالي ككل إلى 2.9 في المائة، من إجمالي الناتج المحلي بعد أن كانت التوقعات في كانون الأول (ديسمبر) تشير إلى نمو بمعدل 4.8 في المائة. في الوقت نفسه ومع تأخر وليس تلاشى التعافي يمكن القول إن اقتصاد منطقة اليورو سيسجل نموا بمعدل 5.7 في المائة، خلال العام المقبل وليس بمعدل 3.3 في المائة وفق التقديرات السابقة.
ومع تواتر الأنباء السيئة بشأن الفيروس وتحوراته فإن التوقعات الاقتصادية تتجه نحو الانخفاض وليس الارتفاع، ومن الواضح أن تطعيم العدد الكافي من الناس لتقليل الضغط على خدمات القطاع الصحي سيحتاج إلى وقت أطول من التقديرات السابقة وهو ما يعني أن التعافي سيتراجع بصورة أكبر. في المقابل فإن الإنذار المبكر والتحركات العاجلة يعني أنه ستتم السيطرة على السلالة الجديدة لفيروس كورونا المستجد في أوروبا بتكلفة أقل من تلك التي تكبدتها بريطانيا. كما أن الحكومات الأوروبية قد تراهن على قدرة الاقتصاد على استئناف نشاطه دون تعريض القطاع الصحي لضغط هائل بسبب كثرة أعداد المصابين، وهو ما يسرع وتيرة التعافي الاقتصادي.
يذكر أن عدد الإصابات بكوفيد – 19 في أوروبا تخطى 30 مليونا ، بينما تستعد فيه لجنة الطوارئ في منظمة الصحة العالمية لإصدار توصيات بشأن ظهور نسخ متحورة أشد عدوى من فيروس كورونا المستجد، ما قد يثير المخاوف من انتشار أكبر للجائحة.