تساءل الباحث كريستيان كوتس أولريشسن في تقرير نشرته قناة “الجزيرة” عما إذا كانت الأزمة الخليجية قد حلّت فعلاً، محذراً من أنّ تأثير مقاطعة قطر الإقليمي سيكون دائماً و”لن يزول بتوقيع إعلان”، في إشارة إلى بيان قمة العلا الختامي.
وكتب الباحث يقول إنّ “بيان التضامن والاستقرار” يمثّل تقدّماً كبيراً على مستوى الجهود المبذولة في سبيل تجاوز الخلاف الأعمق في تاريخ مجلس التعاون الخليجي، مستدركاً بأنّ نص البيان- الموقّع بعد 43 شهراً على اندلاع الأزمة- “لم يُنشر علناً”.
وفي حين رجح الباحث أن تستغرق تداعيات الأزمة الطويلة الأمد وقتاً طويلاً، أكّد أنّها لن تُمحى “بشخطة قلم”، معتبراً أنّه يصعب فصل مقاطعة قطر عن مسار مقاربة الرئيس الأميركي دونالد ترامب غير التقليدية للسياسة الخارجية.
وأوضح الباحث أنّ التباينات حول الملفات الإقليمية بين قطر وعدد من جيرانها، لا سيما الإمارات، تجلّت قبل أزمة العام 2017، مذكراً بقرار السعودية والإمارات والبحرين سحب السفراء من الدوحة في العام 2014.
الباحث الذي ذكّر بدور الكويت في حل الأزمة الخليجية عبر توقيع اتفاق الرياض في تشرين الثاني من العام 2014، سلّط الضوء على دور كبير مستشاري ترامب، جاريد كوشنير، مبيناً أنّه ضغط بشدة من أجل التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يساعد الإدارة الأميركية في مساعيها الرامية إلى تعميق عزلة إيران عبر حملة “الضغوط القصوى”. وكتب الباحث قائلاً إنّ كوشنير ومساعديه زاروا السعودية في أوائل الشهر الفائت لتفصيل الخطوط العريضة لاتفاق، حيث يُقال إنّهم حلوا المشاكل التي طرأت في اللحظة الأخيرة.
وبالعودة إلى بيان قمة العلا، قال الباحث إنّه تضمن تفاصيل قليلة حول الالتزامات المحددة التي تعهّد بها الأفرقاء لإنهاء المقاطعة أو المضي قدماً. وعليه، حذّر من إمكانية أن يلقى بيان العلا مصير اتفاق الرياض في العام 2014، مشيراً إلى أنّ الأخير افتقر إلى الضمانات.
في ما يتعلق بالإمارات، تحدّث الباحث عن تلميحات إلى أنها عارضت توقيع اتفاق أكثر من السعودية، لافتاً إلى أنّ العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، لم يحضرا القمة ولم يوقعا على الاتفاق شخصياً.
إلى ذلك، دعا الباحث إلى أن نرى ما إذا كان وقف مقاطعة قطر يعني إنهاء للخلاف في الخليج أم أنّه يتخذ أكثر شكل مصالحة ثنائية بين الرياض والدوحة. وكتب: “لا يتضح إلى أي مدى ستصدق الإمارات، ولا سيما أبو ظبي والبحرين، عصر العلاقات الإقليمية الجديد. فقد تستغرق روابط الثقة والعلاقات بين الناس بين هذه الدول وقطر وقتاً إضافياً الوقت للتعافي”.
الباحث الذي بيّن أنّ اختلاف الأزمة يكمن في تخطي الخلاف الخليجي الجانب السياسي وتأثيره في العائلات والأفراد، رجح أنّ يشكّل إرث مقاطعة قطر الاجتماعي “المسألة الأصعب حلاً”، وإن تبددت آثار جائحة كورونا وعاد الناس إلى السفر بين دول الخليج.
من جانبه، رأى رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة أوراسيا الاستشارية “أوراسيا غروب”، أيهم كامل، أنّ القمة الخليجية ستنهي الخلاف الخليجي رسمياً وستقدّم لـ”نوع من الانفراجة الناعمة”. وفي حديث مع وكالة “بلومبيرغ”، نبّه كامل من أنّ المشاكل الأساسية للخلاف “حُلّت جزئياً فحسب”، قائلاً إنّ “نقص الثقة بين الزعماء الخليجيين لن يُعالج فوراً”.
اقتصادياً، نقلت وكالة “بلومبيرغ” عن خبراء استبعادهم أن تعود التبادلات التجارية بين قطر والدول الخليجية إلى سابق عهدها؛ قبل أزمة العام 2017، قُدرت قيمة إجمالي التبادل التجاري بين قطر والسعودية بنحو 1.7 مليار دولار، في حين بلغت قيمة إجمالي تجارة قطر مع الإمارات 3.5 مليار دولار، بحسب بيانات “بلومبيرغ”.
وفي تعليقه، لفت الخبير الاقتصادي في الأسواق الناشئة، زياد داوود، إلى أنّ قطر اضطرت إلى تغيير طرقها التجارية بعد إغلاق المجالات الخليجية في وجهها، موضحاً أنّه تم استبدال البضائع القادمة من الإمارات والسعودية، بأخرى قادمة من بلدان الهند وتركيا وعمان، وذلك بعدما كانت تمثل البلدان الخليجية المذكورة أهم مصادر الواردات. وقال داوود: “من غير المرجح أن تؤدي تهدئة الخلاف إلى عودة العلاقات التجارية القديمة إلى سابق عهدها قريباً، ليس بشكل كامل على الأقل”.
المصدر: لبنان 24