وفي الأشهر الأخيرة قبل الكارثة، تحوَّلت عمليات الإسكات إلى قمع. فجرى تهديد الناس بالإحالة إلى القضاء، بذريعة أنّهم يعرِّضون الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي للخطر.
حقيقة الأمر هي أنّ أركان طاقم السلطة يخشون انفضاح عمليات النهب التي يتشاركون فيها جميعاً، على اختلاف انتماءاتهم والولاءات، ضمن منظومة فساد واحدة. والدليل هو أنّهم أسقطوا، منذ 2018، كل المبادرات الدولية والعربية للحصول على المساعدات وإنقاذ البلد، مقابل الإصلاح.
هؤلاء فضّلوا الاستمرار في النهب والفساد، مع إدراكهم أنّ البلد قد انهار وسيكمل انهياره حتى التلاشي. ولو كان هؤلاء يريدون الإنقاذ، لكانوا استجابوا للمبادرة الفرنسية على الأقل، إذا كانوا يخشون مبادرات واشنطن ويتوجَّسون من خلفياتها.
اليوم، هناك أمرٌ خطِر بدأ يلوح خلف الانهيار الاقتصادي والمالي والنقدي. إنّه احتمال انجرار البلد إلى مواجهات داخلية، أمنية ربما. والتعبير عن هذا الخطر بات متداولاً في شكل غير مسبوق وتصاعدي، لدى العديد من الباحثين وفي أوساط سياسية مختلفة.
مشكلة طاقم السلطة هي أنّه اليوم أيضاً يتعاطى مع هذا الخطر بذهنية التغطية والتعمية والقول: «كل شيء وكل الناس تحت السيطرة. لا تخافوا».
يخشى المتابعون أن تكون هذه التطمينات شبيهة بتلك التي أطلقها حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، حول متانة وضع الليرة قبل انهيارها، أو بالتطمينات التي أطلقها المسؤولون السياسيون عن حماية الودائع والمودعين بقوانين تُنظِّم «الهيركات» و»الكابيتال كونترول»، فيما كانت هذه الودائع تتحوَّل رُكاماً يجري بيعه بأقل من 30% من قيمته.
بعض القلقين يقولون: إنّها مسألة شهرين أو ثلاثة أو أكثر، ويصبح مصرف لبنان عاجزاً عن دعم السلع الأساسية. وفي هذه اللحظة سيحدث انفجار اجتماعي بالتأكيد. وربما كان سهلاً تقدير موعد الوصول إلى هذا الانفجار، لو لم يقم المصرف بتوزيع أرقام متباينة أدّت إلى «ضياع» الجميع.
ففيما كان الموعد محسوباً بين كانون الثاني الحالي وشباط المقبل، بناء على تصريحات سابقة للحاكم، بات ممكناً الرهان على تمرير الربيع، في ضوء التصريح الجديد الذي طمأن إلى وجود ملياري دولار في التصرُّف. وليس هناك أي قرينة تثبت الأرقام الحقيقية. ولكن، يبدو أنّ قوى السلطة جميعاً مرتاحة إلى هذا «الغموض»، وأي منها لم يطلب يوماً إظهار وثيقة دقيقة بموجودات المصرف.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.