وهنا يسأل سياسي مخضرم: أي وطن هذا، فهو غارق في كل اشكال المشاكل والانقسامات والصراعات واختلاف الخيارات الاستراتيجية بين مكوناته. والمسألة لا تقتصر على أزمة مالية – اقتصادية ولا على ثلث معطل أو ضامن كشرط لتأليف الحكومة، فهي اعمق من ذلك بكثير، فلبنان بات بيئة غير قابلة للحياة والعيش الهانئ.
في المبدأ “الدولة” الفاصل بين الانهيار والاستقرار، بين التنظيم السلمي والمؤسساتي للصراعات السياسية وبين انفلات التناقضات الاجتماعية، يقول السياسي نفسه، لكن اين القيادات السياسية ورجال الاحزاب ومفكروهم من هذه الموضوعات بوصفها قضايا ملحة لا يجوز تأجيل البحث بها؟ الا يستدعي ذلك تعويم الحوار الوطني للتفكير بإعادة بناء الدولة وتحديث النظام السياسي والاتفاق على الملفات الخلافية الكبرى لقطع الطريق على الانهيار الحتمي للدولة والكيان.
وفق السياسي نفسه، من المفترض أن مصلحة المسيحيين في هذا البحث تتقدم على سواهم من الطوائف الاخرى. فالهجرة المسيحية الى الخارج مستمرة، ولبنان آخذ في التغير وقد يستقيظ المسيحيون في صباح ما كي يكتشفوا أن لا شيء يمكن انقاذه.
في الوقت الذي يبدو أن السنة والشيعة منساقون الى اللعبة الاقليمية الخطرة في مرحلة تاريخية اخطر، لا يبادر القادة المسيحيون لإنقاذ الكيان، على رغم وجود قلق عارم في المناطق المسيحية والعودة إلى نقاشات تشبه التي كانت سائدة ابان الحرب الاهلية، ومرد ذلك إلى أسباب كثيرة. وهنا تصوب شخصية مسيحية بارزة على ما شهدته مناطق الجنوب والضاحية الجنوبية في الأيام الماضية من تعليق صور ويافطات وإقامة تماثيل لقائد الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني، لتؤكد أن ما حصل سيعزز هواجس اللبناننين عموما والمسيحيين خصوصا في المقبل من الايام، فحرب العام 1975 بدأت مع حرب الصور في العام 1974 ، صحيح أن لا احد يريد العودة إلى الحرب الأهلية لكن الجميع يستخدم لغة الحرب، واذا كان هناك خطوط حمر في المنطقة لأي حرب، فلا خطوط حمر في لبنان.