تكاد الازمة الاقتصادية في لبنان تقضي على الطبقة الاجتماعية الوسطى وتزيد من حجم الفاقّة الى حدّ لم يعد مقبولا، لكن الاهم من ذلك ان حدة الازمة باتت تهدد “الثورة” الشعبية، اذ أن تردّي الاوضاع المعيشية لم يعد يسمح للمواطنين بترف التحركات المطلبية لطالما كان هذا الواقع هو حال بعض الدول التي انعدمت فيها السبل أمام شعوبها فانكبّت على السعي خلف لقمة العيش وتلاشت انتفاضتها رويدا رويدا.
وفي لبنان، جرى الحديث بكثرة مؤخرا عن التخطيط الجدّي لاستعادة الثورة الشعبية زخمها في الشارع بحلّة جديدة خلال المرحلة المقبلة، أي مع بداية العام الحالي، وذلك لعدة اسباب اهمها أن نواة المجموعات التي نظمت الحراك الماضي لا تزال ناشطة وتثبت وجودها على مواقع التواصل الاجتماعي وضمن تحركات خجولة على الارض، وهي بلا شك قادرة على شدّ عصب جزء كبير من اللبنانيين للنزول الى الشارع مجددا، السبب الثاني هو عملية رفع الدعم التي قد تفاجىء المواطنين في أي لحظة تقررها الحكومة اللبنانية.
ترى مصادر مطلعة أن ثمة اهدافاً اقليمية قد تساهم في عملية كسر الجمود الشعبي من جديد، منها الرغبة الاميركية بإعادة تحريك الاوراق في المرحلة المقبلة في كل من العراق ولبنان بهدف إدخالهما ضمن المفاوضات المرتقبة مع إيران بعد حزيران من العام الجاري. ومن الواضح ان كل المؤشرات توحي بأن شكل الحراك الجديد لن يكون شبيها لما سبقه، وذلك لجهة الزخم الشعبي المتوقع لأن اللحظة الاستثنائية التي جمعت اللبنانيين في المرحلة الفائتة لا يمكن ان تتكرر بسهولة.
وأكدت المصادر أن الوجه الجديد للحراك قد يكون مختلفا في هذه المرحلة، إذ قد يحمل الكثير من الفوضى واعمال الشغب والعنف المدفوعة من أطراف داخلية وخارجية لاسباب متعددة. وتحدثت المصادر عن تخوف من بعض الاشكالات الامنية الني قد تستغل الحراك المطلبي المحق من اجل توجيه رسائل بشكل مباشر او غير مباشر. ولكن وبعيدا عن كل التكهنات وبمعزل عن نظرية المؤامرة يبرز معطى جديد يطرح عدة تساؤلات جدية.
ترى هل تمكنت الحكومة من احباط فرصة الحراك مجددا عبر اجراءات صارمة في ما يخص قرار الاقفال العام الذي أوحت به كل التسريبات المتفلتة من داخل السراي الحكومي؟ ام ان الصدفة هي التي ستنقذ القوى السياسية وتحديدا “العهد” وحلفاءه من “فورة” شعبية جدية تؤدي الى ما يسمى بـ “ثورة الجياع” التي قد يصعب السيطرة عليها قبل إسقاط ما تبقى من رموز السلطة في لبنان؟!
وبمنأى عن الخطورة الجدية لوباء “كورونا” ومحاولة البعض توهينه وإظهاره على أنه لعبة سياسية، الا ان السؤال جائز حول عودة انتشاره مجددا وإصابته لأعداد هائلة من المواطنين بعد السماح بفتح اماكن السهر تزامنا مع ليلة رأس السنة، وهل هي صدفة أن يترافق ذلك كله مع اقتراب اللحظة التي قد تضطر فيها الحكومة اللبنانية الى رفع الدعم؟
ايناس كريمة – لبنان24